اللقاء الشهري
اللقاء الشهري
Жанры
من يجب عليه الصوم
من الذي يجب عليه الصوم؟ نقول: الذي يجب عليه الصوم ما استكمل شروطًا ستة: أن يكون مسلمًا، بالغًا، عاقلًا، قادرًا، مقيمًا، خاليًا من الموانع.
هذا الذي يجب عليه الصوم أداءً، يجب عليه أن يصوم رمضان في وقته.
- فالمسلم ضده الكافر لا يجب عليه الصوم، لكن هل يعاقب عليه في الآخرة؟ نعم يعاقب عليه، فالكافر يعاقب على كل واجب أوجبه الله وتركه وهو لا يقبل منه ولو فعل، الكافر يعاقب على كل شيء حلال تناوله وانتفع به والمسلم لا يعاقب على الحلال.
الكافر إن أكل عوقب يوم القيامة، إن لبس عوقب يوم القيامة، كل لقمة يأكلها الكافر يعاقب بها يوم القيامة، كل شربة يشربها يعاقب بها يوم القيامة، ما هو الدليل؟ قول الله ﵎: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة:٩٣] وغير الذين آمنوا وعملوا الصالحات عليهم جناح -هذا في الطعام- وقال في اللباس: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف:٣٢] .
غير المؤمنين وإن كانت لهم في الدنيا لكن ليست خالصة يوم القيامة، يعاقبون عليها.
إذًا الإسلام ضد الكفر، فالكافر لا نلزمه بالصوم، لكن نمنعه في بلاد المسلمين من إظهار الأكل والشرب، وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها.
لا يجوز فتح المطاعم ولو للكفار -وطبعًا للمسلمين غير مفتوحة- في أيام رمضان، ومن رأى منكم صاحب مطعم فتحه في رمضان وجب عليه أن يبلغ الجهات المسئولة لمنعه، ولا يمكن لأي كافر أن يظهر أكلًا أو شربًا في نهار رمضان في بلاد المسلمين، يجب أن يمنع من ذلك.
- البالغ: ضده الصغير، الصغير لا يجب عليه أن يصوم لكن قال العلماء: يجب على وليه أن يأمره بالصوم ليعتاده اتباعًا للصحابة ﵃، فقد كان الصحابة يصوِّمون الصبيان حتى إن الصبي يصيح من الجوع فيعطونه اللعبة من العهن -وهو الصوف أو القطن وما أشبهه- يعطونه لعبة يتلهى بها إلى غروب الشمس.
قال أهل العلم: نحن تبع لـ سلفنا الصالح نأمر أبناءنا بالصوم ونلهيهم ونلعبهم حتى تغيب الشمس.
- عاقل: ضده من لا عقل له من المجانين والمهذرين والمعتوهين وما أشبه ذلك، هؤلاء ليس عليهم صوم ولا إطعام أيضًا.
- قادر: ضده العاجز، فالعاجز عن الصوم كما مر في الآية: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:١٨٤] .
لكن العلماء بالتتبع يقولون: إن العجز على قسمين: القسم الأول: عجز مستمر كعجز الشيخوخة وأمراض السرطان وما أشبهها، فهذه لا يُرجى زوالها إلا إن أمكن للشيخ أن يرجع شابًا.
يقول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يومًا فأخبره بما فعل المشيب
إذًا من عجز عن الصوم لكبر ففرضه الإطعام، من عجز عن الصوم لمرض لا يرجى زواله ففرضه الإطعام، يطعم عن كل يوم مسكينًا.
أتدرون ماذا كان يفعل الصحابة؟ كان أنس بن مالك لما كبر وكان لا يستطيع الصوم فصار في آخر يوم من رمضان يصنع طعامًا فيجمع عليه ثلاثين فقيرًا ويعشيهم، وتنتهي المسألة.
أما القسم الثاني من العجز: فهو عجز طارئ يرجى زواله، فهذا هو المذكور في الآية أن عليه كما قال تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:١٨٤] .
- مقيم: ضده المسافر، فالمسافر لا يلزمه الصوم في السفر، له أن يأكل ويشرب ويجامع زوجته إن كانت معه ولا حرج عليه، ويقضي إذا عاد إلى وطنه، وله فسحة في القضاء من رمضان إلى رمضان كم شهرًا؟ أحد عشر شهرًا هو فيها مخير، صم القضاء في شوال، صم في ذي القعدة، صم في ذي الحجة، لكن لا تصم يوم العيد ولا أيام التشريق، صم في محرم، في صفر، في ربيع في ربيع، في جمادى في جمادى، في رجب، في شعبان، لكن لا تؤخر إلى رمضان الثاني.
والمسافر إذا كان ذاهبًا للعمرة في رمضان هل يفطر في مكة؟ نعم يفطر في أم القرى في أفضل البقاع في أيام العشر؛ لأن النبي ﵌ وهو الأسوة وهو ﵌ أحرص الناس على الخير بلا شك، فتح مكة في العشرين من رمضان أو في الثامن عشر منها وبقي في العشر الأواخر في مكة ولم يصم، ثبت ذلك عن ابن عباس ﵄ في صحيح البخاري أنه لم يصم.
ما قال: هذا زمن شريف ومكان شريف فأنا آسف إن لم أصم، بل أخذ بتيسير الله ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ [البقرة:١٨٥] .
ولقد شاهدت من يعتمرون في العشر الأواخر يدخل المسجد الحرام ويطوف وهو على آخر نفس من المشقة ويسعى وهو على آخر نفس من المشقة، فإذا قيل له: أفطر، قال: أسف! كيف أفطر؟ يقول: لا ما يمكن أن أفطر في العشر الأواخر من رمضان وفي مكة، أتحمل والأجر على قدر المشقة، هذا خطأ، هذا فهم خاطئ نقول: إذا كان أنشط لك أن تفطر فأفطر فأنت مأمور بالفطر.
وفي غزوة الفتح كان الرسول ﷺ سافر من المدينة في رمضان في السفر، كان يقول لهم: أفطروا ولكن لم يأمرهم بعزم، فلما قرب من مكة، قال النبي الذي أعطاه الحكمة: (إنكم ملاقوا العدو والفطر أقوى لكم فأفطروا) ألزمهم بالفطر، كان في الأول رخصة ثم صار عزيمة، لأنه أقوى لهم على العدو، فكذلك أيضًا في العمرة إذا كان أقوى لك أن تفطر فأفطر.
أنت جئت للعمرة فأدِ العمرة على ما ينبغي، ولكن لو سألنا سائل فقال: هل الأفضل أن أبادر العمرة في النهار وأفطر أو أؤخرها إلى الليل وأبقى صائمًا؟ الأول أفضل؛ لأن الرسول ﵌ كان إذا قدم مكة معتمرًا لا يتأخر، حتى أنه ينيخ راحلته عند المسجد ويدخل ويطوف قبل أن ينزل منزله فهذا أفضل.
- ومن الشروط كذلك: أن يكون خاليًا من الموانع وهذا خاص بالنساء وهو ألا تكون حائضًا ولا نفساء، فإن كانت حائضًا أو نفساء فإنه لا يلزمها أن تصوم؛ لقول النبي ﵌ في الحائض: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) فالحائض لا تصوم.
ولو صامت هل يجزؤها؟ لا.
قال أهل العلم: يحرم عليها الصوم بإجماع العلماء، ولا يصح منها الصوم بإجماع العلماء، وتقضي الصوم بإجماع العلماء.
ثلاثة إجماعات: الإجماع الأول: يحرم.
والثاني: لو صامت لم يصح.
والثالث: يلزمها القضاء.
هذه شروط وجوب الصوم.
8 / 4