79

وقصة البابليين كما نقلها المؤرخ الإغريقي بيروسس

Berosus

قديما تزيد على قصة الغرق والنجاة بقصة ألواح التشريع، وخلاصتها أن إكزيسترس

Xisurus

الذي نجا بالفلك أحس قرب الطوفان فدفن في الأرض ألواح الشريعة، وتفقدها أبناؤه بعد هبوط الماء فاستخرجوها من مكانها، فهي أساس النظام في دولة البابليين.

وتستند قصة الطوفان عند البابليين إلى تقدير من تقديرات علم الفلك أو على الأصح علم التنجيم، يزعمون فيه أن العالم تتعاوره في الآباد الطوال أدوار الطوفان وأدوار الحريق، ويختلفون في تقدير هذه الأدوار بالسنين الكونية ولكنهم يحسبون السنة الشمسية كأنها ثانية بالنسبة إلى اليوم العالمي أو كأنها ثانيتان بحسابنا؛ لأنهم كانوا يقسمون النهار والليل إلى اثنتي عشرة ساعة لا إلى أربع وعشرين، ويحسبون السنة العالمية كأنها يوم في السنة الكونية التي تقع أدوار الفناء بحسابها، وقد اختلفوا كما أسلفنا في تقدير مدة هذه الأدوار، ولكنهم يقولون إن الغرق الكوني يحصل كلما اجتمعت الأفلاك السماوية في برج الجدي، وإن الحريق الكوني يحصل كلما اجتمعت في برج السرطان، وهنا يقع الخلط بين حساب الآباد وحساب الفصول الأرضية كما لاحظ العلامة جومبيرز مؤرخ الفلسفة اليونانية الكبير، فإنهم وهموا أن الحريق الكوني من حرارة الصيف، وأن الغرق الكوني من برد الشتاء كما يقعان في تقلبات الفصول.

وعموم قصة الطوفان يثبت وقوع الطوفان وإن تقادم به العهد فتعددت به الروايات.

وقد طالت المقارنات كما أسلفنا بين مصادر العقيدة عند الإسرائيليين ومصادرها عند شعوب بابل ومصر وفارس والهند على التخصيص.

فبعض علماء المقارنات يرى أن البابليين نقلوا قصة الخليقة وقصة الطوفان من قوم إبراهيم عليه السلام لأنه نشأ فيهم قبل الميلاد بألفي سنة على التقريب.

وبعضهم يرى على نقيض ذلك أن هذا النقل جائز في المأثورات التي انقطعت أسنادها وأمكن أن تبدأ عند البابليين والإسرائيليين على السواء، ولكنه غير جائز في المأثورات التي تسلسلت مما قبلها في عقائد بابل وفارس.

Неизвестная страница