Аллах, Вселенная и Человек: Взгляды на историю религиозных идей
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Жанры
دعني أقول لك باختصار إن هذه القصة هي في جوهرها قصة وصفية؛ أي إنها تصف الواقع ولا تسوغه؛ فالوجود قائم على تقابل الأضداد: علو-انخفاض، قبل-بعد، صوت-صمت، حار-بارد، حب-كره، صعب-سهل، نور-ظلام، قوة-ضعف، طويل-قصير، سالب-موجب، خير-شر. وهذه الأضداد تظهر بعضها بعضا حيث لا وجود للنور دون ظلام، ولا لعلو دون انخفاض، ولا لحار دون رطب، ولا لحرارة دون برودة، ولا لخير دون شر. وعلى حد قول الحكيم لاو-تسو في التاو-تي-تشينغ: «يرى الجميع في الجميل جمالا لأن ثمة قبحا. ويرى الجميع في القبيح قباحة لأن ثمة جمالا.» أي إن القطبية مزروعة في صميم الوجود، ولو أننا أزلنا قطبا واحدا فقط من الأقطاب المتقابلة وليكن العلو لتداعت سلسلة القطبية وآل الوجود إلى لا وجود. (س):
أعتقد بأن الشيطان في العقيدة الإسلامية لا يتمتع بالقوة والسلطان على العالم كما هو الحال في المسيحية. (ج):
السبب في ذلك يعود إلى عنصر إمهال الله له إلى آخر الزمن، وهو عنصر مفقود في العقيدة المسيحية ، ولو أنه تركه يعمل على هواه دون موافقته لكان في العالم مشيئتان هما مشيئة الله ومشيئة الشيطان، ولكانت هناك مملكة للشر يحكمها الشيطان، ومملكة للخير يحكمها الله. وهنا أعود إلى الواقع القطبي للوجود لأقول بأن عنصر إمهال إبليس هو إقرار بهذا الواقع، والقول بأن خلق الله قائم على تقابل الأضداد. إن الله لا يريد الشر ولكنه واقع تحت مشيئته، وعندما ينتهي الشر في آخر الزمان تنتهي القطبية، ويتداعى خلق الله يوم القيامة ليبدأ خلق جديد يدخل في الأبدية ولا يعرف الأقطاب المتضادة. (س):
أعتقد أن قصة سقوط الإنسان كما وردت في القرآن تقوم على عناصر القصة الكلاسيكية نفسها، أليس كذلك؟ (ج):
نعم، ولكن لا يوجد لدينا تفاصيل بخصوص خلق حواء، وإبليس لا يتخفى في هيئة الحية. كما أن الأمر الإلهي بعدم الأكل من الشجرة التي لا يدعوها النص باسم معين، يوجه إلى الزوجين معا لا إلى آدم كما هو الحال في الرواية التوراتية والاثنان يأكلان منها معا، وهذا ما يبرئ حواء من المبادرة إلى الخطيئة أولا. كما أن الله لم يلعن الأرض بسبب خطيئة الإنسان، كما هو الحال في الرواية التوراتية، ولا أدار وجهه عن العالم وتركه للشيطان كما هو الحال في الرواية المسيحية. لقد غفر الله للإنسان خطيئته بعد أن طرده من الفردوس، ثم أطلعه على مسار التاريخ، الذي سيكون مسرحا للاختبار الأخلاقي للإنسان حتى اليوم الأخير، يوم عدالة الله عندما تجزى كل نفس بما قدمت في الحياة:
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (البقرة: 35).
فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (الأعراف: 20).
فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى (طه: 120-122).
قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار (البقرة: 38-39).
لم يكن عصيان إبليس وتعهده بإغواء البشر وحفزهم على الخطيئة بالأمر المهم في صيرورة تاريخ العالم وتاريخ الإنسانية؛ ذلك أن نهاية التاريخ أمر مقرر ومقدر سلفا، وهي جزء لا يتجزأ من خطة الله:
Неизвестная страница