Аллах, Вселенная и Человек: Взгляды на историю религиозных идей
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Жанры
ولكن هل نستطيع اختصار الثقافة إلى هذه التكنولوجيا البدائية، أعني الأدوات الحجرية؟ ماذا عن النواحي غير المادية للثقافة وعلى رأسها الفن والدين؟ (ج):
لم ينتج أشباه البشر من الأناسي فنا بصريا، وكذلك الحال بالنسبة للنياندرتال. لقد كان على الفن أن ينتظر ظهور الإنسان العاقل الذي أحدث نهضة جمالية غير مسبوقة وبشكل فجائي. وقد تجلت هذه النهضة في فن المنحوتات الصغيرة وفي رسوم الكهوف التي يقول نقاد الفن بأنها لم تكن أقل حرفية وقيمة فنية من روائع الفن الحديث. أما الدين فهنالك دلائل غير وافية على وجوده في عصر الإنسان المنتصب
Homo Erectus
الذي عاش قبل النياندرتال، وبدأت آثاره تظهر منذ منتصف المليون الثاني قبل الميلاد في أفريقيا، ثم انتشر في أوروبا وآسيا وصولا إلى الصين، حيث وجد هيكل عظمي لإنسان منتصب في منطقة بكين دعاه علماء الأنثروبولوجيا بإنسان بكين. والدلائل غير الوافية التي ذكرتها جاءتنا من موقع واحد فقط وجدت فيه آثار هذا الإنسي في إسبانيا، وتبين للباحثين من دراستها أنه كان يدفن موتاه بطريقة تعدهم للانتقال إلى عالم آخر. أما الشواهد الكثيرة على وجود حياة دينية فتأتينا منذ أكثر من مائة ألف سنة قبل الميلاد؛ أي من عصر النياندرتال، ولكن لكي نستطيع أن نطلق على هذه الشواهد بثقة صفة الدينية لا بد لنا من صياغة تعريف للدين ينطبق على جميع الأديان من أكثرها بساطة إلى أكثرها تعقيدا وتركيبا. (س):
هذه ليست بالمسألة السهلة، فما الذي يجمع ديانة جزيرة هاييتي القائمة على السحر إلى أديان التوحيد مثلا؟ (ج):
التعريف الذي أقترحه هو تعريف للحد الأدنى المشترك الذي لا بد من توافره في ظاهرة ثقافية ما لكي نطلق عليها صفة الديانة. وهذا الحد الأدنى تقوم كل ديانة بتطويره على طريقتها؛ وبناء على ذلك أقول: إن الدين هو إحساس وإيمان بأن الوجود يتألف من عالمين أو مجالين، الأول هو المجال الدنيوي أو عالم الظواهر المادية الذي نراه ونعيش فيه، والثاني هو المجال القدسي الخفي الذي يقع وراء عالم الظواهر المرئية. وهذان المجالان على استقلالهما من حيث الظاهر إلا أنهما متصلان من خلال قوة تصدر عن المجال القدسي لتفعل في جميع العناصر الحيوية والجامدة للمجال الدنيوي. والإنسان نفسه موزع بين هذين المجالين لأنه يتألف من عنصرين؛ الأول مادي وهو الجسد، والثاني غير مادي وهو الروح. وهذان العنصران ينفصلان عن بعضهما بالموت الذي يفني الجسد ولكنه لا يفني الروح، ثم إن إحساس الإنسان بحضور هذه القوة الغامضة قد دفعه إلى الدخول في علاقة معها من خلال الطقوس، وهي سلسلة مرتبة من الأفعال والإجراءات والصيغ الكلامية. (س):
حسنا، في جوابك على سؤالي حول متى اتصل الدين بالحضارة، عرفنا الحضارة والإنسان والدين، وخلصنا إلى أن الدين قد رافق الإنسان منذ عصر الهومو إريكتوس؛ أي قبل أن يتخذ الأناسي شكل النياندرتال ثم الإنسان العاقل، وهذا يعني أن جنسنا لم يمض عليه زمن كان فيه بلا دين، فهل يمكننا القول بأن الدين شيء متأصل في الطبع الإنساني؟ (ج):
هذا صحيح، وقد وصفته في كتابي «دين الإنسان» بأنه أقرب ما يكون إلى الدوافع والغرائز المتأصلة في السلوك الإنساني. وبعد أكثر من عشر سنوات مرت على صدور كتابي، نشرت مجلة «تايم» الأمريكية دراسة لأحد علماء الوراثة الإنسانية تحت عنوان «جينة الله
God’s Genes »، تقول باكتشاف إحدى الجينات في الخلية مسئولة عن الإحساس الديني عند البشر. وقد ردت هذه الدراسة على من اتهمني بالتطرف في وصفي للإحساس الديني بأنه أقرب ما يكون إلى الدوافع الطبيعية. (س):
تعبير «جينة الله» يقودني إلى سؤال يتعلق بتعريفك للدين وهو: أين مكان الله في هذا التعريف. وبتعبير أعم: أين الآلهة؟ أليس الإيمان بوجود الآلهة والتعبد لها هو الدلالة الأبرز على الظاهرة الدينية؟ (ج):
Неизвестная страница