Аллах, Вселенная и Человек: Взгляды на историю религиозных идей
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Жанры
متى وأين حصلت هذه الردة عن العقيدة الإلهية؟ (ج):
ظهر المبدأ اللاإلهي بشكل واضح في الهند؛ فقد ظهرت في الهندوسية (التي لم تتخذ قط صيغة أيديولوجية موحدة) أكثر من فرقة قالت بأن الحجج على وجود الإله الخالق قد تكون مقنعة على مستوى الحياة اليومية، أما على مستوى المعرفة الدينية الأعمق فإن الكائن الأعلى هو وهم حقا. على أن المبدأ اللاإلهي لم يترسخ في الهند ويغدو دينا مؤسساتيا إلا في الجاينية والبوذية. (س):
نحن نعرف عن البوذية ولكننا لم نسمع عن الجاينية من قبل! (ج):
البوذية معروفة كاسم لدى الجميع بسبب انتشارها خارج الهند، أما الجاينية فلم تحقق لنفسها الانتشار نفسه، وقد أسسها معلم روحي يدعى ناتابوتا فاردهاما، والذي عرف بعد ذلك بلقبه الماها فيرا؛ أي الإنسان العظيم. ولد الماها فيرا في بيت ملكي في مقاطعة بيهار نحو عام 599ق.م، وعندما بلغ سن الرشد تزوج وأنجبت له زوجته ابنة، ولكن الشاب كان كثير التأمل، عازفا عن حياة الترف المحيطة به، وغالبا ما كان ينسل من القصر إلى الغابة القريبة حيث كان يلتقي بجماعات من النساك المتجولين، ويجد في الاستماع إليهم ما يرضي فكره المتقد بالأسئلة. وعندما توفي والداه وهو في سن الثلاثين قرر أن يهجر حياة الناس بشكل نهائي، ويتحول إلى حياة النسك والتأمل. تجول الماها فيرا حافيا عاريا في غابات وسهول وقرى مناطق الهند الوسطى، مؤمنا بأن إعتاق الروح من التناسخ ودورة الحياة والموت لا يتم إلا بتجاهل الجسد وحاجاته، وبالتزام مبدأ الأهيمسا/
Ahimsa
الذي ينص على عدم إيذاء أي كائن حي من الإنسان وصولا إلى أصغر حشرة يمكن رؤيتها بالعين. ولم يكن يقضي أكثر من ليلة واحدة في كل قرية أو خمس ليال في كل مدينة، كي لا تشده أي رابطة إلى مكان أو صلة حميمة بشخص ما. وغالبا ما كان الناس يرونه جالسا في العراء في وضعية التأمل الباطني مستغرقا في ذاته غير عابئ ببرد أو ريح أو مطر. وبعد اثنتي عشرة سنة من التطواف والتأمل، وفي إحدى جلسات استغراقه الباطني العميق، سطع النور في داخله ووصل إلى الاستنارة الكاملة، فصار جينا/
Jina
أي المنتصر الذي قهر الموت وحرر روحه في عالم السمسارا، عالم التغير الدائم والجريان الذي لا يهدأ . وبعد ذلك راح يبشر بمذهبه ويجمع الأتباع حوله يعلمهم طريق الخلاص، وعندما بلغ سن الثانية والسبعين قرر مغادرة عالم المادة عن طريق طقس المجاعة الطوعية، فتحرر من كل أشكال الألم والتحق بعالم البركة العلوي في حالة لا تخضع لولادة ثانية. (س):
استخدمت هنا مصطلح الاستنارة لوصف حالة المعرفة التي وصل إليها الماها فيرا، وكنت من قبل قد استخدمت المصطلح نفسه لوصف حالة المعرفة الغنوصية التي تقود إلى عودة روح الإنسان لتتحد بروح الله، ولكن الله غير موجود في الجاينية، ونحن هنا أمام مضامين متناقضة للاستنارة. (ج):
هذا صحيح، وسوف نجد بعد قليل أن مضامين استنارة البوذا تختلف عن مضامين استنارة الماها فيرا؛ فلقد جاءت كل منظومة عرفانية بما يختلف عما جاءت به المنظومة الأخرى، ويبدو أن ما يكتشفه المستنير هو قناعات عقلية تكاملت تدريجيا ثم انبثقت في داخله بصيغة حقائق نهائية، أو أنه نوع من الإيمان اللاشعوري لم يعرض على العقل الواعي لمناقشته من قبل. (س):
Неизвестная страница