المخلوقين فيما يقدرون عليه من أمور الدُّنيا؛ وثبت بالسُّنّة المتواترة واتّفاق جميع الأئمّة أنّ نبيّنا ﷺ هو الشّافع المشّفع، [و] أنّه يشفع للخلائق يوم القيامة، وأنّ النّاس يستشفعون به ويطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربّه، ولم يقع الخلاف إلَّا في كونها لمحو ذنوب المذنبين أو لزيادة ثواب المطيعين، ولم يقل أحد من المسلمين بنفيها قط. وفي سنن أبي داود: أنّ رجلًا قال للنّبي ﷺ: إنّا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله؛ فقال: «شأن الله أعظم من ذلك، إلَّا أنّه لا يُستشفع به على أحد من خلقه»؛ فأقرّه عل ىقول: نستشفع بك على الله، وأنكر عليه قوله: نستشفع بالله عليك. وسيأتي تمام الكلام في الشّفاعة.
أمّا التّوسّل إلى الله - سبحانه - بأحد من خلقه في مطلب العبد من ربّه: فقد قال الشّيخ عِزّ الدّين بن عبد السّلام: إنّه لا يجوز التّوسّل إلى الله - تعالى - إلَّا بالنّبيّ ﷺ، إن صحّ الحديث فيه.
ولعلّه يشير إلى: الحديث الذي أخرجه النّسائي في «سننه»، والتّرمذيّ في «صحيحه»، وابن ماجه، وغيرهم: أنّ أعمى أتى النّبيّ ﷺ؛ فقال: يا رسول الله؛ إنّي أُصبت في بصري؛ فادعُ الله لي؛ فقال له النّبيّ ﷺ: «توضأ، وصلّ ركعتين، ثم قل: اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد، يا محمّد؛ إنّي أستشفع بك في ردّ بصري، اللهمّ شفّع النّبيّ فيّ»، وقال: «فإن كان لك حاجة فمثل ذلك»؛ فردّ الله بصره.
وللنّاس في معنى هذا قولان:
أحدهما: أنّ التّوسّل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لمّا قال: «كنّا إذا أجدبنا نتوسّل