قالت: صحيح تحارب معنا؟ قل الحقيقة، تحارب معنا؟
قلت: إنني وشعبي كله مستعدون أن نفنى ونحن ندافع عنك؛ أقصد ليس عنك أنت بالذات، وإنما عن شعبك.
وكنت أقولها وأنا مؤمن بما أقول إيمانا عميقا، ولكن انظر ما حدث. هللت فرحا وتحمست جدا. وأنا أحب الناس إذا تحمسوا؛ إنهم لا يكذبون حينئذ. هكذا كان يقول أبي. تحمست جدا، وشدت على يدي بقوة جعلتني أهتز كلي. أنت ترى أنا صغير جدا، ومن السهل أن أهتز. شدت على يدي، وقالت: إجبشيان هند سوا سوا.
أتعرف شيئا؟ لم أكن أعرف معنى سوا سوا، ولكني أحسستها؛ لأن قلبي ارتعش وهي تنطقها. أجل بشرفي دق قلبي هكذا دب دب كاللحظة التي يرى فيها العريس عروسه. انفعلت جدا، تصور! الشرق شرقنا، الأرض الواسعة ذات الشمس والفقراء الطيبين الأقوياء بلادنا العزيزة. الصيحة وصلت الكباريه، وباهيا الطويلة السمراء الواسعة العيون ذات الأسئلة الجريئة والوجه الشرير، باهيا تأثرت جدا، أيد سمراء من الخارج ومن الداخل بيضاء بيضاء. وتصور! أتدرك هذا؟ حين فقط تصافحنا بأيدينا صار لنا عشرون إصبعا. نعم عشرون إصبعا متزاحمة، إصبع أسمر بجوار إصبع أسمر. الطويلة ذات الوجه الشرير باهيا، أتعلم شيئا؟ لقد كدت أفقد وعيي من الفرحة. وقلت لها: انظري هنا يا فتاتي الطيبة، أنا لست من رواد الكباريهات، أنا رجل متزوج ولي ابن يبدو إذا مشيت بجواره أكبر مني سنا، وأشغل مركزا رسميا في بلادي، ولكن سوف أتشرف حقيقة إذا قبلت صداقتي.
وكنت أعنيها أجل تشرفني. أتعلم شيئا؟ من لحظتها صرنا أصدقاء. أتعلم شيئا آخر؟ لقد ظللت أردد لها اسمي خمس دقائق دون أن تلتقط منه حرفا. نعم اسمي، أرجو ألا تكون نسيته. لا، ليس كيمورانجو، لا، تيمو، تيمو شلاي، ه. ك. تيمو شلاي. أنت تعلم؟ لقد أخبرتك تيمو يعني شيئا كالجوهرة. اسم متعب، أليس كذلك؟ ولكنه هندي مائة في المائة.
المستحيل
حدثت الضجة المعهودة خارج الحجرة، وتعالت أصوات وضحكات وتشنجت حنجرة، ثم دخل المجنون ومعه مرافقوه.
وأن يرى الإنسان مجنونا في الشارع مرة شيء قد يكون مثيرا، أما أن يكون عمله هو الكشف على المجانين وإدخالهم مستشفى الأمراض العقلية، فشيء يجعله يفقد حب استطلاعه، ويصبح الأمر بالنسبة إليه مسرحية مكررة لا جديد فيها ولا طريف.
ولهذا فحين دخل المجنون الجديد لم ألق إليه بالا كثيرا. كنت قد تعودت رؤيتهم ومعاملتهم، ولم يعد جنونهم أو شذوذهم يزعجني أو يثير عجبي. وكان المريض الجديد هو الآخر داخلا مواصلا كلاما لا يعلم سوى الله متى بدأ: اسمك إيه؟
ودون أن يغير طريقة كلامه أو النغمة التي يتكلم، مضى يقول: يسرقوني ليه؟ أنا عملت فيهم إيه؟ اسمي محمد شحاتة علي، والمجرم صالح الشهاوي نتش مني أربع صفايح سمنة. ورحت أجيب الإيجار من السكان، فزعوا عليه بالسكاكين عايزين يدوني نكلة في الشهر إيجار الشقة. هو أنا شحات؟ أنا راجل صاحب عمارات ثلاثة في شبرا السمك وأربعة في أبو الريش و...
Неизвестная страница