فتحرك الرجل في قلق، ولكنه تكلف الهدوء وقال باسما: «قله إذن، قل الحق.»
فقلت مسرعا: «لقد قلت ما ثار في نفسي، وهذا حسبي الآن.»
فقال في عطف متكلف: «أنت مخطئ في تقديرك كله. لست من هؤلاء الأغرار الذين يليق بهم أن يخطئوا وأن يعاقبوا؛ فأنت رجل عالم، لست من السوقة الرعاع.»
فقلت مندفعا: «السوقة الرعاع؟ من هؤلاء؟ لا أعرف سوقة ولا رعاعا إلا هؤلاء الذين يملئون الأرض فسادا. وأما رجل الحقل الذي يلوث يديه بالطين ويسير عاري القدمين ممزق الثياب، ويذهب آخر اليوم إلى أهله بحزمة من الفجل ورغيفين؛ أما هذا فرجل وهب نفسه للعمل ووهب ماله إلى الآخرين. فإذا كان من السوقة الرعاع فما أحب إلي أن أكون منهم.»
فقال السيد متأففا: «أوه! أقصد أنك رجل عاقل لا ترضى بالفوضى.»
فقلت: «لست أرضى الفوضى لبلد من بلاد الله.»
فقال مرتاحا: «إذن قد اتفقنا. وأنا آت إليك موفدا من مولاي تيمور العظيم، إنه يمد يده إليك.»
فصحت في دهشة: «أنا؟ يمد يده إلي أنا؟ أنا هنا أسير، ويد الأسير مغلولة.»
فقال معاتبا: «أنت تتجنى، هذا كرم لا ترفضه.»
فقلت وأنا أغص بريقي: «كرم؟ ما الذي حمله على القذف بي إلى هنا؟ أليس هذا بغيا؟ وهل إزالة البغي تكرم؟»
Неизвестная страница