126

الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات

الآراء الفقهية المعاصرة المحكوم عليها بالشذوذ في العبادات

Издатель

دار التحبير للنشر والتوزيع - الرياض

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م

Место издания

السعودية

Жанры

المطلب الأول: صورةُ المسألةِ، وتحريرُ مَحَلِّ الشُّذوذِ:
المقصود بالدم الكثير: الدم الجاري في أصل خلقته؛ لأن الله تعالى شرط فى نجاسته أن يكون مسفوحًا، فقال تعالى: ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ (^١)، وكنّى بالمسفوح عن الكثير الجاري (^٢)، أو الذي من شأنه أن يسيل (^٣)؛ فالقليل ليس من شأنه أن يسيل، قال ابن عبدالبر: (ومعنى المسفوح: الجاري الكثير) (^٤).
فخرج بقيد المسفوحِ الجامدُ المنصوص عليه كالكبد والطحال، واليسيرُ كالذي بين اللحم وفي العروق، وهذا هو مفهوم هذه الآية ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ قال عكرمة: لولا هذه الآية لتتبَّع المسلمون من العروق ما تتبعتِ اليهود (^٥)، وعن عائشة ﵂ قالت: (كنا نطبخ البرمة على عهد رسول الله ﷺ تعلوها الصفرة من الدم فنأكل ولا نُنْكره) (^٦).
وهذا هو تحرير محل الشذوذ، وتبيين محل النزاع في المسألة:
١. فقد أجمع العلماء على طهارة الكبد والطحال (^٧)، وعلى طهارة

(^١) من الآية (١٤٥) من سورة الأنعام، قال ابن فارس: (السين والفاء والحاء أصل واحد يدل على إراقة شيء. يقال سفح الدم، إذا صبه. وسفح الدم: هراقه. والسِفَاح: صب الماء بلا عقد نكاح) مقاييس اللغة (٣/ ٨١).
(^٢) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (١/ ٣٣٩).
(^٣) انظر: دفع الإلباس للأقفهسي ص (١١٨)، قال: (المسفوح هو الذي يسيل كذا قال أكثرهم، والصواب أن المسفوح هو الذي من شأنه أن يسيل).
(^٤) الاستذكار (١/ ٢٣١)، وانظر: طلبة الطلبة ص (٩).
(^٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٢/ ١٩٣).
(^٦) ذكره القرطبي بلا إسناد (٢/ ٢٢٢)، وروى الطبري بسنده نحوه (١٢/ ١٩٤).
(^٧) وممن نقل الإجماع ابن جرير في تفسيره (٨/ ٥٤)، والقرطبي في تفسيره (٢/ ٢٢)، والنووي في المجموع (٢/ ٥٦٠).

1 / 127