79

(28) كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون

الله. وصلة قربى الرسول بالمودة ونحوها ( ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون ) في فسقهم وما ذكر من سوء اعمالهم 28 ( كيف تكفرون بالله ) يجوز أن يكون الخطاب المتكرر في الآية للكافرين وتكون «كيف» لتوبيخهم على كفرهم مع ما يذكر من الحجة. ويجوز أن يكون ذلك خطابا لجميع الناس وبيانا لأنه لا يليق ان يختار الكفر انسان له شعور مع قيام الحجج في نفس وجوده وأحواله على حقيقة العرفان لله أفيكفر بالله ( وكنتم أمواتا فأحياكم ) الواو حالية ولا حاجة إلى إضمار «قد» بل لا يصح لأنه يستلزم ان تكون الحال جملة ( وكنتم أمواتا ) وليس كذلك لأنها لا تفي بالحجة بل الجملة الحالية مجموع وكنتم أمواتا فأحياكم او هو وما بعده ولا ينتظم ذلك بمعنى واحد يكون حالا إلا إذا جعل الجميع خبرا لأنتم محذوفة اي وأنتم تعتور عليكم هذه الأمور الكافية في الدلالة على وجود الإله الواحد القهار. والمراد من كونهم أمواتا انهم كانوا أشياء فاقدة للحياة ومن اقرب عهودهم بذلك انهم كانوا نطفا في الأصلاب أو كانوا في الأرحام علقة أو مضغة أو عظاما ولحما ولا حياة في شيء من ذلك فجعل فيهم الحياة ولا يكون ذلك بلا مؤثر ولا من لا شيء ولا من فاقد العلم والحكمة والإرادة. فليعتبر الإنسان بما في تركيب بدنه وأجزائه وأوضاعها وأسباب حياته من بواهر الحكم وعجائب الصنع ثم ليعتبر بما وهب له من الحياة والحواس والإدراك وقد أوضح وجه الاعتبار بذلك بالنحو العرفي والعقلي في رسالة البلاغ المبين ( ثم يميتكم ) في آجالكم ( ثم يحييكم ) ان كان هذا من تتمة الاحتجاج فلا بد من أن يحمل على أمر معلوم محسوس لجميع الناس ومعناه حينئذ أنه يحيي نوعكم باحياء أمثالكم من الناس وفي هذه القدرة التامة الدائمة عبرة وحجة لأولي الألباب. وإن لم يكن من تتمة الاحتجاج كما هو المناسب لقوله تعالى ( ثم إليه ترجعون ) بل كان اخبارا بمواقع قدرته وآثار حكمته فإنه يكون المراد يحييكم في القبر. ويجوز ان يكون المراد يحيي بعضكم في الرجعة التي يقول بها الإمامية ونسبت الحياة إلى النوع تجوزا ( ثم إليه ترجعون ) يوم القيامة وليس رجوعهم بعد غيبوبتهم أو انفصالهم عنه جل وعلا بل كما تقول للحاضر عندك إلي مرجعك أي لا مهرب لك ولا بد من أن أنفذ فيك حكمي وعدلي وإن

Страница 80