فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين (197) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
أفضتم من عرفات ) الافاضة جعل الشيء فائضا من فيض الماء اي فإذا أفضتم جمعكم تشبيها لاندفاع جمعهم الكثير في رحيلهم لساعتهم بعد العصر دفعة بفيض الماء المنبعث في ابتدائه من عرفات يقال أفاض الحديث اي أفاض كلامه فيه. وعرفات هو الموقف المعروف وفيه نسك اليوم التاسع. وفي التعبير بالافاضة دلالة على ان الموقف في عرفات له مكث محدود الوقت يجتمع فيه الناس ثم يرحلون بأجمعهم كالماء الفائض وان عرفات منشأ هذه الافاضة وفيض الجمع. وصرفت عرفات مع العلمية والتأنيث لأنها بصيغة الجمع فحملت عليه ( فاذكروا الله ) بالصلاة والتقرب اليه بطاعته في النسك والوقوف ( عند المشعر الحرام ) وهو المزدلفة وجمع وسمي مشعرا لأنه محل لنحو من شعائر الله. وإذا جعلت جملة ( فاذكروا ) لبيان الوظيفة بمنزلة الجملة الخبرية جاز ان يراد بالذكر ما يعم المستحب. ثم أكد الله الترغيب بذكره والإقبال عليه ببيان الاحتجاج والتذكير باستحقاقه شكرا لنعمته العظمى فقال جلت آلاؤه ( واذكروه كما هداكم ) وأنعم عليكم بالهدى تلك النعمة الجليلة ( وإن كنتم ) الواو للحال «وان» مخففة من الثقيلة تفيد التأكيد بمعنى وقد كنتم ( من قبله ) اي من قبل الهدى المدلول عليه بقوله هداكم ( لمن الضالين ) ولا تجعلوا المشعر سبيل عابر من عرفات إلى منى كما كانت قريش تقترحه بتشريعهم وجبروتهم على سائر العرب بل قفوا فيه للنسك بحيث يكون اندفاع جمعكم منه بعد الوقوف فيه افاضة منه كالافاضة من عرفات واذكروا الله فيه 197 ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) العاملين على شريعة الحج بحقيقتها وهو ابراهيم الخليل (ع) الذي أتى بشريعة الحج وإسماعيل وإسحاق ومن كان بعدهم من المتبعين لهذه الشريعة. جاء فيما أشرنا اليه آنفا من الكافي والتهذيب في الصحيح عن الصادق (ع) عن الباقر (ع) عن جابر في ذكره لحج رسول الله (ص). ثم غدا (ص) أي من منى والناس معه وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع «أي لا يقفون في عرفة فتكون لهم منها افاضة بل يقفون في المشعر وتكون منه إفاضتهم» ويمنعون الناس من ان يفيضوا منها «أي من المزدلفة يعني انهم لا يدعون الناس بعد إفاضتهم من عرفات ان يقفوا في المزدلفة لكي يكون لهم منها افاضة ايضا بل لا يكون لهم
Страница 179