الزواجر عن اقتراف الكبائر

Ибн Хаджар Хайтами d. 974 AH
57

الزواجر عن اقتراف الكبائر

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Издатель

دار الفكر

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَمَعْنَى كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ. أَمَّا مَوَاضِعُ الْكُفَّارِ فَهِيَ مُمْتَلِئَةٌ بِهِمْ لَا يُخْرَجُونَ عَنْهَا أَبَدًا، كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَفِي تَفْسِيرِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ. قَالَ قَوْمٌ: إنَّ عَذَابَ الْكُفَّارِ مُنْقَطِعٌ، وَلَهُ نِهَايَةٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ. وَبِ ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ [النبأ: ٢٣] وَبِأَنَّ مَعْصِيَةَ الظُّلْمِ مُتَنَاهِيَةٌ، فَالْعِقَابُ عَلَيْهَا بِمَا لَا يَتَنَاهَى ظُلْمٌ انْتَهَى. وَالْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ مَرَّ وقَوْله تَعَالَى: ﴿أَحْقَابًا﴾ [النبأ: ٢٣] لَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ نِهَايَةً لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعَرَبَ يُعَبِّرُونَ بِهِ وَبِنَحْوِهِ عَنْ الدَّوَامِ، وَلَا ظُلْمَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَافِرَ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْكُفْرِ مَا دَامَ حَيًّا فَعُوقِبَ دَائِمًا فَهُوَ لَمْ يُعَاقَبْ بِالدَّائِمِ إلَّا عَلَى دَائِمٍ، فَلَمْ يَكُنْ عَذَابُهُ إلَّا جَزَاءً وِفَاقًا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ وَالِاسْتِثْنَاءَ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا ظَاهِرَهُمَا بِاتِّفَاقِ الْكُلِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] فَيُؤَوَّلُ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا إذَا جَعَلْنَاهَا بِمَعْنًى مِنْ أَهْلِ الْأَعْرَافِ وَعُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوهَا إلَّا بَعْدُ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِاَلَّذِي يَشَاءُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] أَيْ مَقْطُوعٍ، وَلَمْ يُخْبِرْنَا بِاَلَّذِي يَشَاءُ لِأَهْلِ النَّارِ. [خَاتِمَةٌ] أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ ﷺ قَالَ لِلْكَعْبَةِ «مَا أَطْيَبَك وَأَطْيَبَ رِيحَك، مَا أَعْظَمَك وَأَعْظَمَ حُرْمَتَك، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْك مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إلَّا خَيْرًا» . وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ: «مَنْ جَاءَ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَصُومُ رَمَضَانَ وَيَتَّقِي الْكَبَائِرَ فَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا: وَمَا هِيَ الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ» الْحَدِيثَ. وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ. وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ: «أَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي وَأَسْلَمَ وَهَاجَرَ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ - أَيْ أَسْفَلِهَا - وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَبًا، وَلَا مِنْ الشَّرِّ مَهْرَبًا يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَمُوتَ» . وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ: «مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ مَاتَ وَاَللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ» .

1 / 61