57

الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية

الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية

Издатель

الغدير للطباعة والنشر والتوزيع

Издание

الثانية

Год публикации

1427 AH

Место издания

بيروت

فالفقهاء الذين عاشوا عصور التشريع أو قريباً منها كانوا يطلعون على القرائن الحالية إما بالمشاهدة أو عن طريق الشهادة من الآخرين، وكذلك كانوا يطلعون على القرائن المقالية السياقية لاطلاعهم على (الأصول الأربعمائة) التي لم تقطع فيها الأحاديث، تلك الأصول التي كانت أهم مصادر كتب الحديث المعتبرة والمعتمدة أمثال الكتب الأربعة (الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار).

وقد رأينا أمثال الشريف المرتضى من يلغي وجود خبر الآحاد لأن جميع ما في الكتب المعتبرة إما متواتر وإما مقترن بما يفيد القطع بصدوره حسب رأيه الذي استمده من اطلاعه على واقعها.

ولكن، وبعد أن اختفى العدد الأكبر من الأصول الأربعمائة التي يستفاد منها معرفة القرائن المقالية السياقية، وبعد أن بَعُدَ عصر التشريع بحيث أصبح من غير الميسور الاطلاع على القرائن الحالية أمسى التعامل مع أحاديث الأحكام تعاملاً مع أحاديث أكثرها مظنون الصدور.

إن هذا هو السبب الذي دعا إلى إثارة التساؤل المذكور في أعلاه.

هذا هو السبب في رأينا ولكن علماء أصول الفقه ذكروا سبباً آخر دعا إلى طرح السؤال المذكور غير الذي ذكرناه، وهو أن القرآن الكريم نعى على العاملين بالظن وشجب اتِّباعه وحظر الأخذ به.

وأفادوا هذا من فهمهم أن منع القرآن الكريم للعمل بالظن جاء على نحو الإطلاق، أي بما يشمل العقيدة والتشريع.

وهذا يعني أن عليهم التماس الدليل الشرعي الذي يستثني الاعتماد على خبر الثقة من حرمة العمل بالظن، فراحوا لهذا يبحثون عن الدليل الذي يصحح العمل بخبر الثقة.

أما نحن حيث نفهم أن الظن المنهي عنه هو الظن في مجال العقيدة،

55