46

التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية

التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية

Издатель

مطابع أضواء المنتدى

Жанры

(قل) الخطاب لصاحب السنة والعقيدة السلفية أي قل ذلك غير متردد ولا مرتاب، بل قله مؤمنًا موقنًا؛ لأن هذه الكلمة قالها النبي ﷺ في غير مجلس، فإذا قلت ذلك لم تزد على أن قلت مثل ما قال النبي ﷺ، ولم تزد على أن آمنت بما آمن به النبي ﷺ.
وهذا البيت اشتمل على الأصلين، ففي قوله: "ينزل الجبار في كل ليلة" احتراز من التعطيل.
وفي قوله: "بلا كيف جل الواحد ... " احتراز من التكييف وفي نفيه للتكييف نفي للتمثيل؛ لأن الممثل مكيف، ولذا (كل ممثل مكيف وليس كل مكيف ممثلًا)؛ لأن الممثل يقول ينزل الله كنزول المخلوق، وهو في الوقت نفسه كيفّ صفات الله بكيفية صفة المخلوق، وليس كل مكيف ممثلًا؛ لأن التكيف يكون بتمثيل، وقد يكون بلا تمثيل وإنما بتخيل في الذهن.
(بلا كيف) مراد الناظم بهذا القول، أي: بلا كيف معلوم لنا، فهو نفي لعلمنا بالكيفية وليس نفيًا للكيفية؛ لأن ما لا كيفية له لا وجود له، فإن صفات الله لها كيفية الله أعلم بها، ولذا قال الإمام مالك ﵀: "والكيف مجهول" ولم يقل: الكيف معدوم.
والعلم بكيفية الصفات فرع عن العلم بكيفية الذات، فإذا قال الجهمي كيف ينزل ربنا إلى سماء الدنيا؟ قل كيف هو في ذاته؟ فإذا قال أنا لا أعلم كيفيته قيل له ونحن لا نعلم كيفية نزوله إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف وهو فرع له وتابع له.

1 / 48