158

التحفة الأحمدية في بيان الأوقات المحمدية

التحفة الأحمدية في بيان الأوقات المحمدية

Издатель

مطبعة الجمالية

Номер издания

الأولى

Год публикации

1330 AH

Место издания

مصر

مطلب في فضيلة الذكر

هو مفيد وكلام تام بدون شيء آخر يتصل به أو يضم للاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم اه (الثاني) ذكر ابن جزي في تفسيره عند قوله جل ذكره (فاذكروني أذكركم الآية) ما نصه قال سعيد ابن المسيب معناه أذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب وقيل اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحو ذلك (وقد أكثر المفسرون) لاسيما المتصوفة في تفسير هذا الموضع بألفاظ لها معان مخصوصة ولا دليل على التخصيص (وبالجملة) فهو بيان لشرف الذكر وبينها قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه «أنا عند ظن عبدي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه» (والذكر) على ثلاثة أنواع ذكر بالقلب وباللسان وبهمامعا واعلم أن الذكر أفضل الأعمال على الجملة وإن ورد في بعض الأحاديث تفضيل غيره من الأعمال كالصلاة وغيرها فاغاذلك لما فيها من معنى الذكر والحضور مع الله تعالى. والدليل على فضيلة الذكر من ثلاثة أوجه: (الوجه الأول) النصوص الواردة بتفضيله على سائر الأعمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة في سبيل الله وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم)» قالوا بلى يا رسول الله قال ذكر الله وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال ذكر الله قيل الذكر أفضل أم الجهاد في سبيل الله فقال لو ضرب المجاهد بسيفه في الكفار حتى ينقطع سيفه ويختضب دما لكان الذاكر يده أفضل منه. (الوجه الثاني) إن الله تعالى حيثما أمر بالذكر أو أثنى على الذاكرين اشترط فيه الكثرة فقال ((اذكروا الله كثيراً )﴿ والذاكرين الله كثيراً) ولم يشترط ذلك في سائر الأعمال. (الوجه الثالث) أن في الذكر مزية هي له خاصة ليست لغيره وهي الحضور في الحضرة العلية والوصول إلى القرب الذي عبر عنه ما ورد في الحديث عن المجالسة والمعية فإن الله تعالى يقول ((أنا جليس من ذكرني ويقول أنا عند ظن عبدي وأنا معه حين يذكرني)» (والناس) في المقصد مقامان قصد العامة اكتساب الأجور وقصد الخاصة القرب والحضور وبون بين المقامين بعيد فكم بين من أخذ أجره وهو من وراء حجاب وبين من يقرب حتى يكون من خواص الأحباب. واعلم أن الذكر على أنواع كثيرة فمنها التهليل والتسبيح والتكبير والحمد والحوقلة والحسبلة وذكر كل اسم من أسماء الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار وغير ذلك ولكل ذكر خاصية وثمرة: فأما التهليل فثمرته التوحيد الخاص فإن التوحيد العام حاصل لكل مؤمن هو. أما التكبير فثمرته التعظيم والإجلال لذي الجلال. أما الحمد والأسماء التي معناها الإدمان والرحمة كالرحمن والرحيم والكريم والغفار وشبه ذلك فثمرتها ثلاث مقامات وهي الشكر وقوة الرجاء والمحبة فإن المحسن محبوب لا محالة. أما الحوقلة والحسبلة فثمرتها التوكل على الله والتفويض إلى الله والثقة بالله. أما الأسماء التي معناها الاطلاع والإدراك كالعليم والسمع والبصير والرقيب وشبه ذلك فثمرتها المراقبة دوامة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فثمرتها شدة المحبة فيه والمحافظة على اتباع سنته. أما الاستغفار فثمرته الاستقامة على التقوى والمحافظة على شروط التوبة مع انكسار القلب بحسب الذنوب المتقدمة. ثم إن ثمرات الذكر مجميع الأسماء والصفات مجموعة في الذكر المفرد وهو قولنا الله فذلك هو الغاية وإليه المنتهى اه منه كما وجد وسبقه الإمام العارف الساحلي في بغيته لهذا المعنى في الاسم المفرد وما قبله بأبسط عبارة وأوضح إشارة وكفى به من قدوة وأحرى معه غيره (الفخر) عند كلامه على اسم الجلالة ما نعبه من أراد أن يذكر ذات معينة ثم يذكره بالصفات فإنه يذكر اسمه أولا ثم يذكر عقب الاسم الصفات مثل أن يقول زبد الفقيه النجوى الأصولي. إذا عرفت هذا فنقول إن كل من أراد أن يذكر الله تعالى بالصفات المقدسة فإنه يذكر أولا لفظة الله ثم يذكر بعده عقيبه صفات المدائح مثل أن يقول الله العالم القادر الحكيم ولا يعكسون فيقولون العالم القدير الله وذلك دليل على أن قولنا الله اسم على اه الغرض منه وأطال الكلام فيه« وهذا يعضد ما ذكره ابن جزي أن مما في جميع الصفات فيه ولعل التزام أهل التصوف

30