тайное освещение истин редактирования

Саад ад-Дин ат-Тафтазани d. 792 AH
71

тайное освещение истин редактирования

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Издатель

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Номер издания

١٣٧٧ هـ

Год публикации

١٩٥٧ م

Место издания

مصر

مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ الطُّولَى، وَقَوْلُهُ ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] نَزَلَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] فَقَوْلُهُ يَتَرَبَّصْنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِالْأَشْهُرِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ﴾ [الطلاق: ٤] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْحَامِلِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ سَوَاءٌ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، أَوْ طَلَّقَهَا فَجَعَلَ قَوْلَهُ ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] نَاسِخًا لِقَوْلِهِ ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٨] فِي مِقْدَارِ مَا تَنَاوَلَهُ الْآيَتَانِ وَهُوَ مَا إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَكُونُ حَامِلًا. (وَذَلِكَ عَامٌّ كُلُّهُ) أَيْ: النُّصُوصُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَالْعِدَّةِ. (لَكِنْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ دَلِيلٌ فِيهِ شُبْهَةٌ فَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ) أَيْ: تَخْصِيصُ عَامِّ الْكِتَابِ بِكُلِّ ــ [التلويح] غَيْرِ الْحَامِلِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ لَا يَكُونُ مَنْسُوخًا. قَوْلُهُ (لَكِنْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَامَّ يُوجِبُ الْحُكْمَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ مُوجِبَهُ ظَنِّيٌّ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ قَطْعِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ احْتِمَالًا نَاشِئًا عَنْ الدَّلِيلِ تَمَسَّكَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ كُلَّ عَامٍّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ، وَالتَّخْصِيصُ شَائِعٌ فِيهِ كَثِيرٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَامَّ لَا يَخْلُو عَنْهُ إلَّا قَلِيلًا بِمَعُونَةِ الْقَرَائِنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧٥] ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [آل عمران: ١٠٩] حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَثَلِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَامٍّ إلَّا وَقَدْ خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ، وَكَفَى بِهَذَا دَلِيلًا عَلَى الِاحْتِمَالِ، وَهَذَا بِخِلَافِ احْتِمَالِ الْخَاصِّ الْمَجَازَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَائِعٍ فِي الْخَاصِّ شُيُوعَ التَّخْصِيصِ فِي الْعَامِّ حَتَّى يَنْشَأَ عَنْهُ احْتِمَالُ الْمَجَازِ فِي الْخَاصِّ، فَإِنْ قِيلَ، بَلْ لَا مَعْنَى لِاحْتِمَالِ الْمَجَازِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ إرَادَةِ الْمَوْضُوعِ لَهُ مَأْخُوذٌ فِي تَعْرِيفِ الْمَجَازِ. قُلْنَا احْتِمَالُ الْقَرِينَةِ كَافٍ فِي احْتِمَالِ الْمَجَازِ وَهُوَ قَائِمٌ، إذْ لَا قَطْعَ بِعَدَمِ الْقَرِينَةِ إلَّا نَادِرًا، وَلَمَّا كَانَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُوجِبَ الْعَامِّ قَطْعِيٌّ اسْتَدَلَّ عَلَى إثْبَاتِهِ أَوَّلًا وَعَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ ثَانِيًا وَأَجَابَ عَنْ تَمَسُّكِهِ ثَالِثًا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَتَقْرِيرُهُ أَنَّ اللَّفْظَ إذَا وُضِعَ لِمَعْنًى كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمًا ثَابِتًا بِذَلِكَ اللَّفْظِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ وَالْعُمُومُ مِمَّا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ فَكَانَ لَازِمًا قَطْعًا حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ كَالْخَاصِّ يَثْبُتُ مُسَمَّاهُ قَطْعًا حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْمَجَازِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ إرَادَةُ بَعْضِ مُسَمَّيَاتِ الْعَامِّ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ لَارْتَفَعَ الْأَمَانُ عَنْ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ فَلَا يَسْتَقِيمُ مَا يَفْهَمُ السَّامِعُونَ مِنْ الْعُمُومِ وَعَنْ الشَّارِعِ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ خِطَابَاتِ الشَّرْعِ عَامَّةٌ فَلَوْ جَوَّزْنَا إرَادَةَ الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ لَمَا صَحَّ مِنَّا فَهْمُ الْأَحْكَامِ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ وَلَمَا اسْتَقَامَ مِنَّا الْحُكْمُ بِعِتْقِ جَمِيعِ عَبِيدِ مَنْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ، وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى التَّلْبِيسِ

1 / 72