166

التحرير في شرح مسلم

Редактор

إبراهيم أيت باخة

Издатель

دار أسفار

Издание

الأولى

Год публикации

1442 AH

Место издания

الكويت

الاختلاف في تفصيله، كالصلاة المفروضة على من قبلنا، مع مخالفة ما شُرع لنا فيها في الأعداد والأوقات، وجائزٌ أن يكون على معنى استواء الصومين في عدد الأيام، وفي ذلك حثٌّ لنا على التزامها، لأن الشيء إذا استوى في التزام فعله العددُ الكثير، خف الأمر في احتمال ثقله.

ثم قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، عرَّفَنَا أن الصومَ يورث التقوى، لأن في فعله كسراً للنفس، وقمعاً لشهواتها، وفي ذلك تهوين لملاذ الدنيا، ومن هانت عليه الملاذ، وعصى الشهوات، سهُلت عليه الطاعات، فاستحق به الوصفَ بالتقوى، لأن حقيقة التقوى أن يخشى الله في أوامره أن تُترك، وفي نواهيه أن تُرتكب، وإلى هذا وقعت الإشارة بقول النبي ﷺ: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)(١).

ثم قال ﷻ: ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: الآية ١٨٤]، فعرَّفَنا أنه لم يفرضه علينا أيام الدهر، ولا أكثر أيامه، وإنما فرضه علينا أياما يسيرة، يخفَّ احتمال المشقة فيها، ثم بين هذه الأيام بقوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِىّ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: الآية ١٨٥]، والشهر إما ثلاثون، وإما تسعٌ وعشرون.

ثم قال: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: الآية ١٨٤]، عرَّفَهم أنه خفف عنهم في هاتين الحالتين: في السفر والمرض.

ثم قال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ أي: ومن ثقل عليه الصوم من المطيقين، فله تركُه إلى إطعام مسكين، وهذا إنما كان في الفرض

(١) متفق عليه: البخاري برقم: ٥٠٦٥ واللفظ له، ومسلم برقم: ١٤٠٠.

166