التهذيب في علم الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي

Ахмед Камель Эльходари d. 1385 AH

التهذيب في علم الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي

التهذيب في علم الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي

Издатель

العاصمية

Номер издания

الأولى

Год публикации

1356 AH

Место издания

مصر

أحمد كمال الخضرى

التَّهذيب

في

علم الفقه

العاصمية

1

-

2

-

3

التهذيب

فى

علم الفقه

على مذهب الإمام أبى عبد الله محمد بن ادريس الشافعي رضى الله عنه

تأليف

أحمد كامل الخضرى

المدرس بمعهد دمياط

يشتمل هذا الكتاب على مباحث الحج والعمرة. والبيوع. والمعاملات.

والوقف. والمواريث. والوصايا. والأنكحة. وغيرها

أى جميع مقرر السنة الثالثة بالمعاهد الدينية

(حقوق الطبع محفوظة)

١٣٥٦ هـ - ١٩٣٧ م

((٢))

العاصمية

مَطِبَعَة وَادى الملوك
بشارع البرمونى بالخليج بمصر

4

العاصمية

5

فهرس التهذيب

صحیفة

الموضوع

ح

المقدمة

ك

كتاب الحج والعمرة وحكم كل منهما. وأثرهما.

ن

الباب الأول في شروط وجوب الحج والعمرة. مسألة في استطاعة الأعمى والمرأة.

س

مسائل - الأولى في التراخي والفور - والثانية في صحة حج الصبي والمجنون - والثالثة لا يجب على الزوجة بيع مسكنها الخاص - والرابعة لو تعارض النكاح والحج.

ع

الباب الثاني في أركان الحج والعمرة. مسائل.

ص

الباب الثالث في واجبات الحج والعمرة.

ق

مسألتان - الأولى من عجز عن الرمي - الثانية طواف الوداع.

ش

الباب الرابع في سنن الحج والعمرة.

خ

مسألتان - الأولى في الإفراد.

صحيفة

الموضوع

٨

والتمتع والقران - والثانية خطب الحج أربعة.

ذ

الباب الخامس في الأدعية المطلوبة وهي مبينة أحسن بيان.

٢

تتمة.

٥

الباب السادس في محرمات الإحرام.

٥

مسائل - الأولى في نزع المحيط قبل الإحرام - والثانية في شروط التحريم - والثالثة في وجوب الفدية - والرابعة في الاستمناء ونحوه - والخامسة في تمكين الحلال للمحرم - والسادسة في زوال ملك الصيد عن المحرم - والسابعة الحج تحللان والعمرة واحد - والثامنة في فساد الحج وبطلانه.

٦

الباب السابع في دماء النسك.

٦

الأول دم الترتيب والتقدير.

٧

مسألة في الصوم.

٩

الثاني دم التخيير والتقدير.

٩

الثالث دم الترتيب والتعديل.

٩

الإحصار وأسبابه.

6

صحیفة

الموضوع

١٠

الرابع دم التخيير والتعديل

١١

مسألتان . فى الحكم بالمثلية

١٤

مسائل ستة فى الدماء

١٧

الباب الثامن فى زيارة النبى ﷺ

١٨

كتاب البيع

٢٠

الباب الأول في أنواعه . مسألة فى المراد بالجواز والحرمة

٢٢

الباب الثاني في أركانه . مسائل سبعة فى البيع

٢٣

الباب الثالث فى بيع الربوى تعر یفالربا وحكمه وأقسامه. مسألة فى را القرض . شروط صحة بيع الربوى مسائل ثلاثة

٢٥

الباب الرابع فى الخيار - خيار المجلس . مسائل ثلاثة - خيار الشرط

٢٦

مسائل ثلاثة - خيار العيب

٢٧

مسائل ثلاثة _ الباب الخامس

٢٨

في السلم

٢٩

أركان السلم وشروطه

٣١

مسائل خمسة

٣٢

کتاب الرهن

٣٣

باب فى أركان الرهن وشروطه

صحيفة

الموضوع

٣٤

مسائل أربعة

٣٧

كتاب الحجر

٣٨

الباب الأول فى المحجور عليهم

٣٩

الباب الثانى فى إيقاع الحجر وانفكاكه - مسألة

٤٠

کتاب الصلح

٤١

الباب الأول في أركان الصلح وأنواعه

٤٢

الباب الثانى فى شروط صحة الصلح - مسائل خمسة

٤٣

كتاب الحوالة

٤٤

باب فی أركان الحوالة وشروطها

٤٥

مسائل أربعة - كتاب الضمان

٤٦

الباب الأول فى ضمان المال

٤٧

مسائل ثمانية

٤٨

الباب الثانى فى ضمان العين - الباب الثالث فى ضمان البدن

٤٩

مسألة - كتاب الشركة

٤٦

الباب الاول فى أنواع الشركة

٤٧

الباب الثانى فى شركة الضمان - مسائل ثلاثة

7

(تابع فهرس التهذيب)

الموضوع

صحيفة

كتاب الوكالة - الباب الأول في أركانها

٤٩

الباب الثاني في ضابطها وأحكامها

٥٠

مسائل سبعة

٥١

كتاب الإقرار - الباب الأول في أركانه وشروطه

٥٢

مسألتان - الباب الثاني في أحكامه

٥٤

كتاب العارية - الباب الأول في أركانها

٥٥

مسألة - الباب الثاني في أحكامها - مسألة

٥٦

كتاب الغصب - باب في أحكامه

٥٧

مسائل خمسة

٥٨

كتاب الشفعة

٥٩

الباب الأول في أركانها وشروطها

٦٠

الباب الثاني في أحكام الشفعة - مسائل خمسة

٦١

كتاب القراض

٦٢

الباب الأول في أركانه

٦٣

الباب الثاني في أحكامه

٦٤

مسألة - كتاب المساقاة

٦٥

الموضوع

صحيفة

الباب الأول في أركانها

٦٥

الباب الثاني في أحكامها

٦٦

كتاب الإجارة

٦٧

الباب الأول في أركانها

٦٩

الباب الثاني في أنواعها - الباب الثالث في أحكامها

٧٠

مسألة - كتاب الجعالة

٧١

الباب الأول في أركانها

٧٢

الباب الثاني في أحكامها - مسألة

٧٣

كتاب المزارعة والمخابرة وكراء الأرض - مسائل ثلاثة

٧٤

كتاب إحياء الموات

٧٥

مسألة - كتاب الوقف

٧٦

الباب الأول في أركانه

٧٨

مسألة - الباب الثاني في أحكامه

٧٩

مسألة - كتاب الهبة

٨٠

الباب الأول في أركانها

٨١

قاعدتان - الباب الثاني في أحكامها

٨٢

مسألة في العمرى والرقي

٨٣

كتاب اللقطة

٨٤

الباب الأول في أركانها وأحكامها

٨٦

مسائل ثلاثة - الباب الثاني في أقسامها

٨٧

8

-و-

( تابع فهرس التهذيب )

صحيفة

الموضوع

87

مسائل ثلاثة - كتاب اللقيط

88

باب في أركان الالتقاط وأحكامه. مسألتان.

89

كتاب الوديعة

90

باب في أركانها وأحكامها. مسألة

91

مسألتان - تنبيه

92

كتاب الفرائض

93

تمهيد. أول ما يبدأ من تركة الميت. الباب الأول في الإرث

94

أسبابه. شروطه. موانعه. الإرث نوعان - مسألتان - الباب الثاني في الورثة

95

مسائل أربعة

96

أقسام الورثة - الباب الثالث في الفروض وأصحابها

98

مسألة - الباب الرابع في العصبة وأنواعها

99

مسائل أربعة - الباب الخامس في الحجب.

100

الباب السادس في أحوال الورثة

102

الباب السابع في مسائل متممة لما سبق - ذوو الأرحام

103

أحوال الجد مع الإخوة - الرد - العول

صحيفة

الموضوع

104

المشتركة - الأكدرية - حساب المسائل

105

المناسخة - كتاب الوصايا

106

الباب الأول في أركانها

107

الباب الثاني في أحكامها

108

مسألة - الباب الثالث في الإيصاء

109

كتاب النكاح

110

تمهيد - حكم النكاح

111

حكم الجمع بين الزوجات - مسألة

112

حكم النظر إلى النساء

114

مسائل ستة - الباب الأول في أركان النكاح.

115

ترتيب الأولياء. مسائل ستة - الباب الثاني في الخطبة

116

حكمها - تزويج المرأة.

117

مسائل أربعة

118

مسألة - الباب الثالث في محرمات النكاح.

119

مسألة الباب الرابع في الفسخ بالعيب

120

مسألة - الباب الخامس في الصداق

122

مسألتان - الباب السادس في الوليمة

124

مسألة في منكرات الولائم

125

كتاب القسم والنشوز

126

الباب الأول في القسم.

128

الباب الثاني في النشوز

9

( تابع فهرس التهذيب )

صحيفة

الموضوع

١٢٩

التحكيم

١٣٠

كتاب الخلع

١٣١

الباب الاول فى أركانه

١٣٢

الباب الثانى فى حالاته وأحكامه

١٣٣

كتاب الطلاق

١٣٤

الباب الاول فى أركانه - مسألة فى طلاق المكره

١٣٥

الباب الثانى فى عدد الطلاق

١٣٦

الاستثناء - التعليق - مسألة فى الطلاق الثلاث

صحيفة

الموضوع

١٣٦

كتاب الرجعة - حكمها

١٣٧

الباب الاول فى أركانها - مسألة

١٣٨

الباب الثانى فى أحكام الرجعية والبائن

١٣٩

مسألة - كتاب الايلاء

١٤٠

الباب الاول في أركانه

١٤٠

الباب الثانى فى أحكامه

١٤٢

جدول الخطأ والصواب

١٤٤

أسئلة سنة ١٣٥٥- الدور الاول

١٤٥

أسئلة سنة ١٣٥٥ - الدور الثانى

10

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

((وبعد)) فلقد كان من أسم الله سبحانه وتعالى على أن وفقنى الى طبع القسم الاول من (تهذيب الكفاية. فى علم الفقه) أثناء العام الماضى فنال من حسن القبول والرواج ماحبب الى المضى فى اتمامه خدمة للطلاب والمتفقهين.

ولكن حدث أواخر صيف سنة ١٩٣٥ م أن قررت إدارة المعاهد الدينية العدول عن تدريس كتاب (كفاية الأخيار. شرح غاية الاختصار) للشيخ تقى الدين الحصنى. واستبدلته بكتاب (النهاية) للشيخ ولى الدين البصير رحمه الله. وهو شرح لكتاب (غاية الاختصار) المذكور. ولم يكن معروفاً بل لم يسبق طبعه.

فلما عهد الى هذا العام بتدريس القسم الثانى منه السنة الثالثة ووقفت عليه (أول مرة) رأيته كسابقه. يشق تحصيله على الطلاب المبتدئين لتشتيت مسائله. وصعوبة عباراته. وان كان يختلف عنه بعدم التعرض لمذاهب السلف الا ما كان منها مشهورا معتبرا فى المذهب. وهذا أمر قد يعده البعض ميزة بينما يعتبره الآخرون نقصا.

فرأيت من واجبي أن أتابع خطتي. فاجمع كتابا يشتمل على مافى (النهاية) بالاسلوب الذى درجت عليه فى (تهذيب الكفاية) من تحرير الاحكام.

11

-ط-

وتتميم المسائل . وزيادة الفوائد . وحسن التبويب . وسهولة التركيبل وتخريج الأحاديث . مشيرا إلى المخرجين بالرموز اختصارا . وها أنا أثبتها هنا لسهولة الرجوع إليها.

فالرمز للبخاري ب - ولمسلم م

- ولهما ق - وللترمذي ت

- ولأبي داود د - ولابن ماجه ه

- والنسائي ن - وللحاكم ح

- والطبراني ط - وللبيهقي هق

- وللإمام أحمد مد - والدارقطني ني

فإن أسندت إلى غير هؤلاء ذكرت اسمه.

وقد أبين درجة الحديث فارمز للصحيح بحرف (ص) وللحسن بحرف (س) وللضعيف بحرف (ف)

ولما كان جل قصدي هو نشر هذا الكتاب بين الطلاب ليعم انتفاعهم به. وكنت أخشى أن تحول بقاء اسمه على ما هو عليه دون ذلك. وأن يصرفهم عن الانتفاع بما فيه حينما يفهمون من اسمه أنه تهذيب للكتاب الذي عدل عن تدريسه وهو (الكفاية).

ولما كنت قد ذكرت في مقدمة القسم الأول من كتابي (تهذيب الكفاية) ما يأتي: "وقد سميته تهذيب الكفاية. وصلة له بالكتاب المقرر، وإلا فهو كتاب آخر في ترتيبه وتبويبه وعباراته".

رأيت أن أسمي كتابي هذا (التهذيب في علم الفقه) وهو عبارة عن القسم

12

-ي-

الثاني من تهذيب الكفاية . ملتزما فيه ذكر كل ما في كتاب النهاية الذي تقرر دراسته أخيرًا.

وهأنا أضعه بين يدي عامة الطلاب، وجمهرة المثقفين. راجيًا المولى سبحانه وتعالى أن يعم النفع به، وأن يجعله خالصًا لوجهه، وذخيرة لي يوم الدين. إنه لا يضيع أجر العاملين.

أحمد كامل الخضري

المدرس بمعهد دمياط

١٤ رمضان المعظم سنة ١٣٥٥ هـ

٢٦ نوفمبر سنة ١٩٣٦ م

13

-ك-

كتاب الحج والعمرة(١)

الحج لغة القصد. والعمرة لغة الزيارة. وهما شرعاً قصد البيت الحرام لأداء النسك مع الأتيان به - والفرق بينهما أن الحج مشتمل على الوقوف بعرفة. وأنه في زمن مخصوص. أما العمرة فلا وقوف فيها وليس لها زمن محدد بل تصح في جميع أوقات السنة.

والحج ركن من أركان الإسلام بالإجماع. قال تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وقال تعَّة بني الإسلام على خمس. وذكر منها حج البيت - ق فنكره كافر. وتاركه فاسق.

وشرع في السنة السادسة من الهجرة. وقيل في الخامسة. وفعله الرسول ◌َالج في السنة العاشرة (٢) ويجب بأصل الشرع في العمر مرة واحدة لقوله ڑالحج مرة فمن زاد فهو تطوع -ح. نص.

والعمرة كذلك من فرائض الإسلام عند جمهرة العلماء منهم الإمام أحمد والشافعي في الجديد وهذا هو الصحيح لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله(٣)

(١) الحج بكسر الحاء وفتحها وكذلك الحجة - وقد كان معلوماً عند العرب. ولكنهم غيروه فبين رسول الله صَّ له حقيقته !. وأعاد على ملة إبراهيم عليه السلام صفته. وحث على تعلمه فقال خذوا عني مناسككم - م. هق ويكون فرض عين كحجة الإسلام. وفرض كفاية لعمران البيت. وسنة للصبيان. ومكروها من خاف وقوع ضرر له. وحراماً لمن تيقن ذلك اهـ

(٢) وهي حجة الوداع. وفيها نزل قوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها بواحد وثمانين يوماً اه

(٣) على معنى أن توا هما تأمين. أما على معنى إذا بدأ تم بهما فأتموهما فلا تكون دليلاً اهـ

14

-ل-

وقوله ﷺ (الحج والعمرة فريضتان-ح) ف. وقوله لمن سأله عن أبيه العاجز عن الحج والعمرة (حج عن أبيك واعتمر - د.ت. هق) ص. وقوله لجبريل حين أتاه على صورة إنسان يسأله عن الإسلام والإيمان (وتحج البيت وتعتمر - هق. نى) ص. ولحديث عائشة رضي الله عنها (قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة - مد. هـ. هق) .. وقيل هي سنة. وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي في القديم لقوله ﷺ (العمرة تطوع - هق) ف. ولأنه سئل عن العمرة أواجبة؟ فقال (لا، وأن تعتمر خير لك - ني. هق) ف.

وتجب بأصل الشرع في العمر مرة واحدة عند القائلين بالوجوب لأنه مرَّ حين - أله سراقة بن مالك (أعمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ قال (بل للأبد - ب. ني)

والحج أفضل أركان الإسلام بعد الصلاة يكفر الذنوب الصغائر. والكبائر حتى التبعات على المعتمد (١) قال ﷺ (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه - ق)

وهو من الشعائر الإسلامية ذات الأثر المجيد في تقوية الروابط بين المسلمين وتدعيم عوامل الألفة والمحبة وإقامة مظاهر التعارف والتعاون فيجتمع المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها حول البيت المقدس يتعارفون ويتذاكرون في مصالحهم العامة وشئونهم الدينية في ذلك الحرم الأمين الذي كان مشرق أنوار الإسلام والذي يثير في النفوس ذكرى ماضيه الزاهر.

(١) وهي حقوق الآدميين. وذلك إذا مات في حجه. أو بعده وقبل التمكن من أدائها مع عزمه على الأداء اهـ

15

-م-

وجهاد أهله السابقين. وبعد انقضاء الموسم يعود كل إلى وطنه حاملاً إلى أمته من الآراء والفوائد ما يقوي الروح المعنوية ويشعر بعز الأخوة الإسلامية وفي ذلك من الخير العام ما فيه. قال تعالى: ((وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير)).

على أن في الحج أيضاً تهذيباً عظيماً للنفس وتعويداً لها على تحمل الصعاب وإظهاراً للإذعان التام والإيمان الصادق لله تعالى حيث يفارق المرء وطنه وأهله ومصالحه. ويصرف أعز شيء لديه وهو المال في سبيل طاعة الرحمن عز وجل.

وحسبك من الحج موقف عرفة العظيم. ذلك الموقف الرائع الذي يجتمع فيه الخلائق عراة الرؤوس في صحراء قاحلة. عرت عن مظاهر الترف والرفاهية خاشعين خاضعين ضارعين ملبين ملك الملوك صاحب القوة والجبروت. هناك تتمثل العبودية بأظهر مثلها وتتجلى الربوبية بأجلى مظاهرها. هناك تنخلع القلوب هيبة وإكباراً. وتنکسر الرؤوس خشية واعتباراً. هناك يتفضل الرب على عباده بالعفو والغفران والكرامة والرضوان. فما أجله من موقف وما أروعه من اجتماع.

لهذا كله وجب على الناس أن يمنوا بالحج وأن يتفهموا أحكامه. ويقفوا على أسراره وآدابه. وها نحن إن شاء الله نسوقها إليك مفصلة وبالله التوفيق.

16

-ل-

الباب الأول

﴿في شروط وجوب الحج والعمرة﴾

وهي خمسة: (الأول) الإسلام فلا يجبان على الكافر الأصلي وجوب مطالبة أما المرتد فيجبان عليه وجوب مطالبة بحيث لو استطاع وهو مرتد ثم أسلم وهو غير مستطيع لزمه أداؤهما (الثاني) البلوغ فلا يجبان على الصبي (الثالث) العقل فلا يجبان على المجنون لقوله ﷺ ((رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل)) (والرابع) الحرية فلا يجبان على الرقيق لقوله ﷺ ((أيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى. ط)) (الخامس) الاستطاعة وهي نوعان ((الأول)) الاستطاعة بالنفس وهي أن يكون زمن الحج صحيح الجسم. قادرا على الوصول إلى عرفة قبل فجر يوم النحر. آمنا على نفسه وماله وعياله. مالكا مؤن الحج ذهابا وإيابا. فاصلة عن (١) نفقة من عليه نفقتهم مدة غيبته عنهم (٢) ومسكنه اللائق به (٣) وخادمه المحتاج إليه لكبر أو منصب (٤) ودينه الحال أو المؤجل لآدمي (٥) ووسائل تكسبه كآلات النجارة ونحوها. وفي عروض التجارة التي يتكسب منها وجهان. الصحيح وجوب بيعها والحج منها (مسألة) لا تتحقق استطاعة الأعمى إلا أن وجد قائدا. ولا استطاعة المرأة إلا إن كان معها محرم أو زوج أو امرأتان ثقتان (١) ولو بالأجرة ولا يجب المشي بالنسبة للمرأة مطلقا. ولا بالنسبة للرجل إن كان سفره لمكة

(١) وهذا بالنسبة للنسك المفروض. أما المندوب فلا تخرج له المرأة مع نساء وإن كثرن اهـ

17

-س-

مرحلتين فأكثر(١) فإن كان أقل من مرحلتين وقدر على المشي وجب عليه (النوع الثاني) الاستطاعة بالغير. وذلك بالنسبة للميت والمعضوب. فينوب عنهما من أدى فرضه - والإنابة عن الميت واجبة إن كان له تركة. وإلا فمندوبة - والمعضوب هو من عجز عن أداء الحج بنفسه - إما لكبر أو مرض لا يرجى برؤه. وبينه وبين مكة مرحلتان فأكثر. فإن كان بينه وبينها أقل من مرحلتين لزمه الحج بنفسه ما لم يصل إلى حالة لا يحتمل معها الحركة - ويجب إنابته فوراً إن عضب بعد الوجوب والتمكن من الأداء: وعلى التراخي إن عضب قبل الوجوب أو بعده ولم يتمكن من الأداء.

{مسائل} - (الأولى) الحج (٢) واجب عندنا على التراخي وعند مالك وأحمد على الفور. وليس لأبي حنيفة نص في المسألة. واختلف صاحباه فقال محمد على التراخي. وقال يوسف على الفور: وعلى كل فينبغي المبادرة بأدائه لقوله ﷺ (حجوا قبل ألا تحجوا - هق. ح) وقوله (تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له - مد) ومحل كونه على التراخي ما لم يتضيق بخوف ضياع ماله: أو خوف كبر منعه من الأداء. فيجب حينئذ على الفور. ومعنى كونه على التراخي عندنا أنه متى استطاعه تعلق به الوجوب ولا يأثم بتأخيره إلى سنة أخرى بشرط العزم على أدائه ولا يسقط عنه بعد ذلك بحال حتى ولو زالت استطاعته بفقد ماله أو صحته .

(الثانية) يصح الحج والعمرة من المسلم ولو صبياً أو مجنوناً. ويحرم

(١) لكن يسن له الحج إن قدر على المشي خروجاً من خلاف من أوجبه - والركوب إن قدر عليه أفضل من المشي على الصحيح اقتداء به ﷺاهـ

(٢) ومثله العمرة عند من قال بوجوبها اهـ

(٠ - التهذيب - ثان)

18

-ع-

عنهما وليها أو غيره بأذن الولى. ويباشر عنهما أعمال النسك. وتصح المباشرة أيضا من الصبي المميز إن أحرم بأذن وليه أو أحرم عنه وليه - والمراد ولى المال دون غيره (١) ويصحان أيضا من الرقیق لکن لا یکفیانه إذا عتق كما لا يكفيان الصبى إذا بلغ والمجنون إذا أفاق إلا إن عتق العبد أو بلغ الصبى أو أفاق المجنون حال الاحرام وقيل الوقوف فى الحج أو الطواف فى العمرة فأنه يكفيهم ويعيدون بعد طواف الأفاضة مافعلوه بعد طواف القدوم.

(الثالثة) لا يجب على الزوجة المكتفية بمسكن الزوجية. ولا على المتفقه المكتفى بسكن المدرسة. ولا علي المتصوف المكتفى بسكنى الربط. بيع مساكنهم الخاصة للحج لجواز احتياج كل من الثلاثة إلى مسكنه وقيل يجب ورجحه السبكي

(الرابعة) لو تعارض الحج والنكاح فالأفضل تقديم الحج إلا إن خاف الفتنة والوقوع فى الزنا فالزواج أفضل بل إن تحقق الفتنة كان واجبا.

(الخامسة) لوحج المسلم ثم ارتد ثم أسلم أجزأه حجه عندنا خلافا للحنفية ومن تابعهم.

الباب الثانى في أركان الحج والعمرة

أركان الحج ستة :- (الأول) الاحرام وهو نية الدخول فى الحج لقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات-ق) (والثانى) الوقوف بعرفة لقوله صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة-مد.هق)

(١) وما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم التى ركبا بالروحاء ففزعت امرأة فأخذت بعضد صبى صغير فأخرجته من محفتها فقالت يارسول الله ألهذا من حج؟. قال نعم ولك أجر-م) فأجيب عنه بأنها أحرمت عنه باذن وليه أو ان الأجر المجمل والنفقة . على أنه ليس فى الحديث التصريح بأنها هى التى أحرمت عنه اهـ

19

-ف-

ووقته من زوال شمس التاسع إلى فجر العاشر - فتكفي لحظة من ذلك الزمن لكن الأفضل الوقوف إلى مابعد الغروب خروجاً من خلاف من أوجب الجمع بين الليل والنهار. وإذا يستبر وقوف من كان أهلاً للعبادة لا مجنوناً ولا سكران ولا منع عليه. والنائم وقوفه معتبر (والثالث) الطواف بالبيت لقوله تعالى ((وليطوفوا بالبيت العتيق)) ويسمى طواف الإفاضة وطواف الركن - ويدخل وقته من نصف ليلة النحر ويشترط (١) كونه سبا (٢) وفي المسجد ولو مع حائل (٣) وأن يجعل البيت عن يساره ماراً تلقاء وجهه من غير تنكيس (٤) وأن يبدأ بالحجر الأسود (٥)، وألا يصرفه لغيره كالبحث عن شخص (٦) وأن يكون طاهراً من النجس (٧) ومن الحدث (٨) وسائر العورة كالصلاة في الثلاثة (١) لقوله ﷺ (الطواف منزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير - ح) ص.

(والرابع) السعي بين الصفا والمروة. لقوله ﷺ (يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم - في) ص. ويشترط (١) كونه سبا (٢) وأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. ويحسب الذهاب إلى المروة مرة والعود إلى الصفا مرة (٣) وإيقاعه بعد طواف القدوم أو طواف الركن ما لم يكن بعد الوقوف فيتعين إيقاعه بعد طواف الركن (والخامس) الحلق أو التقصير (لأمره ﷺ أصحابه أن احلقوا أو قصروا - الرافعي) (٢) والمراد إزالة ثلاث شعرات أو بعضها من شعر الرأس بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق -

(١) ويزاد في الطواف لغير الركن اشتراط النية اهـ (٢) وهذا الحديث رواه جار. وذكره الرافعي الكبير - وفي البخاري الأمر بالتقصير. ومعلوم أن الحلق للرجل أفضل لحديث (رحم الله المحلقين - ق) وكررها ثلاثاً ثم قال (والمقصرين) والسنة أن يبدأ في الحلق بالشق الأيمن. وأن يقلم أظفاره بعد تمامه اهـ

20