Сирадж Мунир
السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير
Издатель
مطبعة بولاق (الأميرية)
Номер издания
الأولى
Место издания
القاهرة
Жанры
وقيل: إن الله تعالى لما أخرجه من الملائكة جعل له ذرية وأنّ من الملائكة من ليس بمعصوم وإن كان الغالب فيهم العصمة كما أنّ من الإنس معصومين وهم الأنبياء والغالب في الإنس عدم العصمة ولمن زعم أنه لم يكن من الملائكة أن يقول إنه كان جنيًا نشأ بين أظهر الملائكة وكان مغمورًا بالألوف منهم فغلبوا عليه لقوله تعالى: ﴿إلا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربه﴾ (الكهف، ٥٠) وهو أصل الجنّ كما أنّ آدم أصل الإنس ولأنه خلق من النار والملائكة خلقوا من النور، قال البغوي: والأوّل أصح لأنّ خطاب السجود كان مع الملائكة وقوله تعالى: ﴿كان من الجنّ﴾ أي من الملائكة الذين هم خزنة الجنة، وقال سعيد بن جبير: من الذين يعملون في الجنة، وقال قوم: من الملائكة الذين كانوا يصوغون حلى الجنة وقيل: إنّ الجنّ أيضًا كانوا مأمورين مع الملائكة لكنه استغنى بذكر الملائكة عن ذكرهم فإذا علم أن الأكابر وهم الملائكة مأمورون بالتذلل لأحد والتوسل به علم أيضًا أن الأصاغر وهم الجنّ مأمورون به أيضًا والضمير في فسجدوا راجع للقبيلين فكأنه قال: فسجد المأمورون بالسجود إلا إبليس.
تنبيه: من فوائد الآية استقباح الاستكبار وأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر والحث على الائتمار لأمره وترك الخوض فيما لا ينبغي في سر نفسه وأن الأمر للوجوب وأن الذي علم الله من حاله أنه يتوفى على الكفر هو الكافر على الحقيقة إذ العبرة بالخواتيم وإن كان بحكم الوقت الحاضر مؤمنًا.
﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ أي: اتخذ الجنة مسكنًا لتستقر فيها لأنها استقرار ولبث ولفظة أنت تأكيد أكد به المستكن ليصح العطف عليه وإنما لم يخاطبهما أوّلًا بأن يقول اسكنا تنبيهًا على أنه المقصود بالحكم وهو الأمر بالسكنى التي هي الأصل بالنسبة إلى ما عطف عليها من الأكل وغيره والمعطوف عليه تبع له حتى في الوجود إذ لم يكن له من يؤنسه في الجنة فخلقت حوّاء - بالمدّ - من ضلعه الأقصر من جانبه الأيسر وهو نائم فلما استيقظ من نومه رآها جالسة عند رأسه كأحسن ما خلق الله فقال: من أنت؟ قالت: زوجتك خلقني الله لك أسكن إليك وتسكن إليّ. وسميت حوّاء لأنها خلقت من حيّ خلقها الله من غير أن يحس بها آدم ولا وجد لخلقها ألمًا ولو وجد له ألمًا لما عطف رجل على امرأة قط، وإنما صح العطف على المستكن مع أنّ المعطوف لا يباشر فعل الأمر لأنه وقع تابعًا ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، والجنة دار الثواب لأنّ اللام للعهد ولا معهود غيرها، ومن زعم أنها لم تخلق بعد قال: إنّ الجنة بستان كان بأرض فلسطين أو بين فارس وكرمان خلقه الله تعالى امتحانًا لآدم وحمل الإهباط على الانتقال منه إلى أرض الهند كما في قوله تعالى: ﴿اهبطوا مصرًا﴾ ﴿فكلا منها﴾ أكلًا ﴿رغدًا﴾ أي: واسعًا لذيذًا لا حجر فيه فرغدًا صفة مصدر محذوف وقيل: مصدر في موضع الحال ﴿حيث﴾ أي: أي مكان من الجنة ﴿شئتما﴾ وسع الأمر عليهما إزالة للعلة والعذر في التناول من الشجرة المنهي عنها من بين أشجارها التي لا تنحصر. وقرأ أبو عمرو بإدغام الثاء في الشين بخلاف عنه وأبدل السوسي الهمزة وقفًا ووصلًا وحمزة في الوقف فقط ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ بالأكل منها وهي شجرة الحنطة أو الكافور أو شجرة
1 / 49