Сирадж Мунир
السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير
Издатель
مطبعة بولاق (الأميرية)
Номер издания
الأولى
Место издания
القاهرة
Жанры
تعالى لأنهم مع مشاركتهم للكفار الأصليين في أنهم جاهلون بالقلب كاذبون باللسان من حيث أنهم ينسبون إلى الله تعالى ما هو بريء منه كالولد، والزوجة، والشريك زادوا عليهم بأمور منكرة منها أنهم قصدوا التلبيس ورضوا لأنفسهم بسمة الكذب ولبسوا الكفر على المسلمين فخلطوا به خداعًا واستهزاءً ولذلك طوّل الله في بيان خبثهم وجهلهم واستهزائهم وتهكم بأفعالهم وسجل على عمههم وطغيانهم وضرب لهم الأمثال وأنزل فيهم أنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار. واللام في الناس للجنس ومن موصوفة لا للعهد وكأنه قال تعالى: ومن الناس ناس يقولون، وقيل: للعهد والمعهود، هم الذين كفروا، ومن موصولة مراد بها ابن أبيّ وأصحابه ونظراؤه فإنهم من حيث أنهم صمموا على النفاق دخلوا في عداد الكفار المختوم على قلوبهم واختصاصهم بزيادة زادوها على الكفر لا يأبى دخولهم تحت هذا الجنس.
فإن قيل: خصت من بالموصوفة على تقدير الجنس، وبالموصولة على تقدير العهد، أجيب: بأنّ الجنس لإبهامه يناسب الموصوفة لتنكيرها، والعهد لتعيينه يناسب الموصولة لتعريفها واختصاص الإيمان بالله وباليوم الآخر بالذكر تخصيص لما هو المقصود الأعظم من الإيمان وادّعاء بأنهم اختاروا الإيمان من المبدأ والمعاد وإئذان بأنهم منافقون فيما يظنون أنهم مخلصون فيه فكيف بما يقصدون به النفاق وهو عدم التصديق بالقلب لأنّ القوم كانوا يهودًا وكانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر إيمانًا كلا إيمان لاعتقادهم التشبيه واتخاذ الولد وأنّ الجنة لا يدخلها غيرهم، وأنّ النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودة وغير ذلك، ويرون المسلمين أنهم آمنوا مثل إيمانهم، وفي تكرير الباء ادّعاء الإيمان بكل واحد على الأصالة والاستحكام، والمراد باليوم الآخر من وقت الحشر إلى ما لا ينتهي أو إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار لأنه آخر الأوقات المحدودة بطرفين ﴿وما هم بمؤمنين﴾ لإبطانهم الكفر، وهذا إنكار لما ادّعوا إثباته، ووحد الضمير في يقول نظرًا إلى لفظة من لأنها صالحة للتثنية والجمع والواحد وجمع فيما بعدها نظرًا إلى معناها.
فإن قيل: كيف طابق قوله وما هم بمؤمنين قولهم: آمنا بالله فإنّ الأوّل في ذكر شأن الفعل لا الفاعل والثاني في ذكر شأن الفاعل لا الفعل فكان المطابق له وما آمنوا، أجيب: بأنه إنما عدل إلى ذلك لردّ كلامهم بأبلغ وجه وآكده لأنّ إخراج ذواتهم عن عداد المؤمنين أبلغ من نفي الإيمان عنهم في ماضي الزمان ولذلك أكد النفي بالباء ونظيره قوله تعالى: ﴿يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها﴾ (المائدة، ٣٧) هو أبلغ من قولك: وما يخرجون منها، وأطلق الإيمان على معنى أنهم ليسوا من الإيمان في شيء، ويحتمل أن يقيد بما قيدوا به وهو قوله تعالى: ﴿وباليوم الآخر﴾ لأنّ وما هم بمؤمنين جوابه، والآية تدل على أنّ من ادّعى الإيمان وخالف قلبه لسانه بالاعتقاد لم يكن مؤمنًا لأنّ من تفوّه بالشهادتين فارغ القلب عما يوافقه أو ينافيه لم يكن مؤمنًا.
﴿يخدعون الله والذين آمنوا﴾ إذ أظهروا خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية ويحقنوا دماءهم ويحفظوا أموالهم، وأصل الخدع في اللغة الاخفاء ومنه المخدع للبيت الذي يخفى فيه المتاع، فالمخادع أظهر خلاف ما يضمر والمخادعة تكون بين اثنين وخداعهم مع الله ليس على ظاهره لأنه تعالى لا يخفى عليه خافية ولأنهم
1 / 22