Аль-Шафии: его жизнь и эпоха – его мнения и правоведение
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
Издатель
دار الفكر العربي
Издание
الثانية
Год публикации
1398 AH
وتهويناً لشأنه، ومنهم من كانوا يريدون نقض الحكم الإسلامي، وإحياء الحكم الفارسي القديم كما حدث من المقنع الخراساني الذي خرج على الدولة العباسية في عهد المهدي.
٣٤ - جرد خلفاء بني العباس السيف للخارجين المنتقضين من هؤلاء الزنادقة، وجردوا السوط للمفسدين في الجماعة الإسلامية الذين يريدون أن تشيع في المسلمين الإباحية، والخروج عن أوامر الشرع، وحظيرة الدين، وجرودا الذين يبثون بين المسلمين العقائد الفاسدة بحجج مموهة. العلماء للرد عليهم، فتصدى من أولئك العلماء من سموا في تاريخ الفكر الإسلامي بالمعتزلة(١)، نازلهم أولئك العلماء بالحجج الدامغة، والأدلة القوية، فقربهم منهم الخلفاء، وأدنوا مجالسهم، وفتحوا لهم باب قصورهم في عهد المنصور، وعهد المهدي، ثم في عهد المأمون، والمعتصم، والواثق، وكان منهم في عهد هؤلاء الخلفاء الثلاثة الوزراء والحجاب والكتاب، بل كان المأمون يعد نفسه منهم، وقد كان تجرد هؤلاء العلماء للرد على الزنادقة والمجوس وغيرهم ممن التحموا معهم في جدال ذوداً على الإسلام، وذباً عن حياضه - سبباً في أن أخذوا يسلكون في الاستدلال للعقائد والمحاماة عليها طرائق جديدة لم تكن مألوفة في الاستدلال عند السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ثم هم في هذا السبيل قد قبسوا من الفلسفة ما يرهفون به سلاحهم، ويقوون به احتجاجهم، ثم هم كانوا مأخوذين بطريق خصومهم في الهجوم والدفاع. فسرت إليهم مسائل مما يخوض فيه أولئك الخصوم، ثم تورطوا بعد ذلك في إثارة مسائل فلسفية لم تكن مما يفكر فيها العلماء المسلمون من الصحابة والتابعين، تكلموا في إرادة الإنسان وأفعاله، وسلطان الله عليهما، وتكلموا في صفات الله سبحانه وتعالى، أهى شيء غير الذات أم هي والذات شيء واحد؟ تكلموا في كل ذلك فأعرض الفقهاء مستنكرين عملهم، وذلك فوق ما قد خالفوا به طريقة السلف الصالح
(١) سنذكر كلمة عن المعتزلة في هذا البحث لصلتهم بعصر الشافعي.
53