153

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Жанры

قالت أمُّ سلمة لمَّا مَاتَ زوجها الأوَّل: غَرِيبٌ وَفِي أَرْضِ غُرْبَةٍ (أي أنَّه مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَاتَ بِالمَدِينَةِ)، لَأَبْكِيَنَّهُ بُكَاءً يُتَحَدَّثُ عَنْهُ، وكانت قَدْ تَهَيَّأْت لِلْبُكَاءِ عَلَيْهِ، إِذْ أَقَبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الصَّعِيدِ (من عَوَالِي المَدِينَةِ) تُرِيدُ أَنْ تُسْعِدَها ... (أي تُسَاعِدها في البكاء والنَّوح)، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ الله ﷺ، وَقَالَ: "أَتُرِيدِينَ أَنْ تُدْخِلِي الشَّيْطَانَ بَيْتًا أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهُ؟ " (١) مَرَّتَيْنِ، فلمّا سمعت أمُّ سلمة ذلك كَفَّت عَنِ الْبُكَاءِ على أبي سلمة ولَمْ تبكِه.
فلا يجوز أن تعين المرأة الشَّيطان على أختها إذا امتحنت بمصيبة الموت، بمساعدتها على النِّياحة والنَّدب، ولا أن تعينها على نفسها بالجزع.
وممّا يدلُّ على حظر ذلك ما أخرجه أحمد وغيره عَنْ أَنَسٍ ﵁، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى النِّسَاءِ حِينَ بَايَعَهُنَّ أَلَّا يَنُحْنَ، فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ نِسَاءً أَسْعَدْنَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفَنُسْعِدُهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "لَا إِسْعَادَ فِي الْإِسْلَامِ ... " (٢) الحديث. فلا يجوز لجارات المَرْأَة أن يسعدنها فِي مصيبتها؛ لأنَّ في ذلك تَسَخُّطًا على قدر الله تعالى.
رد دعوى أنّ عائشة ﵂ أقامت مجلس نوح على أبيها
لا تكفُّ ألسنةُ الشَّانِئِينَ لأمِّنا أمِّ المؤمنين ﵂، قالوا: إنَّ عائشة ﵂ الَّتِي هي أفقه نساء المسلمين وأعلمهنَّ بالدِّين، أقامت مجلس نوح على أبيها ... أبي بكر ﵁ لما توفِّي، وأنَّ هذا مخالف لما ثبت من تحريم النِّياحة لما فيها من تظلّم

(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٣٥) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٢) أحمد "المسند" (ج ٢٠/ص ٣٣٣/رقم ١٣٠٣٢) إسناده صحيح على شرط الشّيخين.

1 / 154