الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
Жанры
حرص الصديق ﵁ على ألا يرى مكانه
وتعالوا نرى جانبًا آخر من إنكار الذات عند الصديق ﵁ وأرضاه وأين حظ نفسه في أن يرى مكانه؟ أو في أن يشار إليه أنه فلان، حتى وهو خليفة وأعلى رأس في الدولة: ذكر له ذات مرة امرأة نذرت أن تحج وهي صامتة لا تتكلم، فلم يرسل إليها أحدًا، ولم يرسل في طلبها، بل ذهب إليها بنفسه وهو الخليفة، فقال لها: تكلمي؛ فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، وهي لا تعرفه، فتريد أن تعرف من هو فقالت: من أنت؟ قال: أنا امرؤ من المهاجرين، سبحان الله! هكذا بهذا التجهيل الكامل لشخصيته وهو الخليفة، قال: أنا امرؤ من المهاجرين، قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنك لسئول، أنا أبو بكر، فعرفت أنه الخليفة، لكنها لم تفزع، وكيف تفزع وهي ترى هذا التواضع من الصديق ﵁ وأرضاه؟ لكن شجعها تواضعه أن تسأله سؤالًا كان يشغلها، فقالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقام به أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على الناس، يعني: الصديق جعل بقاء الأمر الصالح بصلاح الأئمة والقواد، مثل الذي قال لـ عمر: عففت فعفت الرعية.
الشاهد من القصة: عدم سعي الصديق لإظهار نفسه حتى مع كونه خليفة.
4 / 5