الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
Жанры
رسالة الصديق إلى عمرو بن العاص
وهنا أمر آخر في حياة الصديق، خطاب لطيف أرسله إلى عمرو بن العاص ﵁ وأرضاه: والقصة تبدأ من عهد رسول الله ﷺ، كان رسول الله ﷺ قد ولى عمرو بن العاص ﵁ مرة على عمان ووعده أخرى بالولاية عليها وهكذا، فلما استتب الأمر لـ أبي بكر الصديق بعد حروب الردة ولى على عمان مرة أخرى عمرو بن العاص؛ تنفيذًا لوعد رسول الله ﷺ، مع أن هذه يجوز للوالي الجديد أن يراها أو يرى غيرها حسب ما يرى من المصلحة، وهذا ليس أمرًا شرعيًا حتميًا، لكنه لا يريد أن يخالف ولو بقدر أنملة.
وهذا هو عين المراد، هذا الذي وصل بـ الصديق إلى ما وصل، هذا الذي رفع قدره، هذا الذي سلم خطواته، هذا الذي سدد آراءه.
ثم إنه قد احتاجه لإمارة جيش من جيوش الشام، وعمرو بن العاص ﵁ كان عنده طاقة حربية هامة جدًا، وعبقرية فذة في مجال الحروب، وأبو بكر الصديق يريد أن يأتي به إلى المدينة المنورة حتى يؤمره على جيش من جيوش الشام، لكنه يتحرج من استقدامه من مكان وضعه فيه رسول الله ﷺ، فأرسل له رسالة لطيفة قال: إني كنت قد رددتك إلى العمل الذي كان رسول الله ﷺ ولاكه مرة وسماه لك أخرى مبعثك إلى عمان إنجازًا لمواعيد رسول الله ﷺ فقد وليته ثم وليته.
يعني: مرة في حياة الرسول ﵊ ومرة بعد حياة رسول الله ﷺ.
وقد أحببت أبا عبد الله! -يتلطف معه في الحديث- أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك منه.
أي: ما هو خير من هذه الإمارة، وهو الجهاد في سبيل الله ﷿، قال: إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك.
يعني: أيضًا ما زال يخيره، مع أن سيدنا أبا بكر هو الخليفة ويستطيع أن يأمر عمرو بن العاص فيأتي دون تردد.
وانظر إلى الرسالة اللطيفة التي رد بها عمرو بن العاص على أبي بكر الصديق، قال ﵁ وأرضاه: يا خليفة رسول الله ﷺ! ما أنا إلا سهم في كنانتك فارم به حيثما شئت.
وفي هذا اتباع أيضًا من عمرو بن العاص كبير لأوامر الخليفة ولنصائح رسول الله ﷺ.
2 / 6