Al-Sabr in Hadith Studies
السبر عند المحدثين
Издатель
مكتبة دار البيان
Номер издания
الثانية
Год публикации
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Место издания
دمشق
Жанры
المَبْحَثُ الثَّانِي: تَطْبِيقِ السَّبْرِ:
بعدَ أنْ بينَّا إمكانيَّةَ تصحيحِ المتأخِّرينَ للحديثِ بإجماعِ المحدِّثينَ، وبينَّا تخريجَ الإمامِ السُّيوطيِّ لقولِ ابنِ الصَّلاحِ، بأنَّ التَّصحيحَ ممكنٌ للحديثِ متعدِّدِ الطُّرقِ، كانَ لا بدَّ منْ اعتمادِ السَّبر وجمعِ الطُّرقِ كقاعدةٍ رئيسيَّةٍ وأساسيَّةٍ في تصحيحِ الحديثِ، وعدمِ الاقتصارِ على
السَّندِ الواحدِ والحكمِ على الحديثِ من خلالِهِ.
وقَدْ يقولُ قائلٌ: إنَّ السَّبرَ مُتعذِّرٌ في هذهِ الأزمانِ بسببِ كثرةِ الأسانيدِ، وتشعُّبِهَا، وبُعدِ المسافَةِ عنْ عصرِ الرِّوايَةِ، وعدمِ الأهليَّةِ لذلكَ، فإنَّهُ يصعبُ جمعُ طرقِ كلِّ حديثٍ، والنَّظرُ فيهَا، والحكمُ عليها، بِحُجَّةِ أنَّ الأوائلَ كانُوا يحفظونَ الأسانيدَ، وَلا يُحوجُهُمْ جمعُهَا إلَّا استدعاؤُهَا من ذاكرتِهِمْ، ولدفعِ ذلكَ نقولُ:
أولًا: إنَّ منْ يُريدُ خوضَ غمارِ هذَا العلمِ لا بدَّ أنْ يكونَ متخصِّصًَا، وأنْ يقصُرَ همَّتهُ ووقتَهُ عليهِ، وألا يجمعَ معَهُ غيرَهُ، وأنْ يُفرغَ وسعَهُ في تَطلُّبِهِ، قالَ الخطيبُ البغداديُّ «ت ٤٦٣ هـ»: «[عَلَى طَالِبِ الحَدِيثِ أَنْ يَقُومَ] بِمُعَانَاةِ عِلْمِ الحَدِيثِ دُونَ سِوَاهُ، لِأنَّهُ عِلْمٌ لَا يَعْلَقُ إِلَّا بِمَنْ وَقَفَ نَفْسَهُ عَلِيهِ، وَلَمْ يَضُمَّ غَيرَهُ مِنَ العُلُومِ إِلَيهِ» (^١). وقَالَ ابنُ رجبٍ «ت ٧٩٥ هـ»: «وَلَا بُدَّ فِي هَذَا العِلْمِ مِنْ طُولِ المُمَارَسَةِ، وَكَثْرَةِ المُذَاكَرَةِ، فَإِذَا عَدِمَ المُذَاكَرَةَ بِهِ فَليُكْثِرْ طَالِبُهُ المُطَالَعَةَ فِي كَلَامِ الأَئِمَّةِ العَارِفِينَ كَيَحْيَى
(^١) انظر الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ١٧٣. بتصرف. وما بين معقوفتين من إدراج الباحث.
1 / 172