Коранские рассказы - Ясир Бурхами
القصص القرآني - ياسر برهامي
Жанры
من فوائد قصة الغلام مع الراهب والساحر
الغلام ذهب ليبشر الراهب، ففيه استحباب بشارة المسلم بما يسره، ويكون أولى الناس بذلك شيوخه الذين علموه، فيعرف لهم الفضل، ويقر لهم بتلك المنزلة، وهذا الراهب كان رجلًا عالمًا فعلًا، ولم يكن مجرد راهب متعبد دون علم، بل كان على علم بطريق الحق وسنن الله ﷾.
وقوله: (راهب) يدل على أنه كان بعد زمن المسيح ﷺ، فإن الرهبانية إنما وجدت في أتباع المسيح، فقد كان راهبًا موحدًا على دين المسيح ﷺ، وليس على دين التثليث وعبادة المسيح الذي هو الشرك بالله ﷾، فإن من قال: إن الله ثالث ثلاثة، أو قال: إن الله هو المسيح ابن مريم، لا يكون مؤمنًا فضلًا عن أن يكون وليًا.
وقول الراهب: (أي بني! أنت اليوم أفضل مني)، هذا من التواضع، ومن الإقرار بالحق، وعدم الحسد والحقد؛ لأنه لم يقل: لماذا يكون الذي علمته أفضل مني؟ أو لماذا اختاره الله علي؟ فليس المؤمن الذي يأكل قلبه الحسد، وليس المؤمن الذي يكون في قلبه الضغائن والأحقاد، وإنما هو مخلص لله ﷿، قال: (أي بني! أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى)، وعلم الراهب ذلك من سنة الله ﷾ في الأولين والسابقين، فإن المرء لا يمكن حتى يبتلى، ولابد أن يبتلى كل من أعلن الإيمان كما قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:٢ - ٣].
لذلك نقول: من يظن أن طريق الالتزام مفروش بالورود فإنه لا يعرف سنة الله ﷾ في خلقه، فلا بد أن يعلم كل من يسير على طريق الحق أنه لابد من الابتلاء.
يقول الراهب: (فإن ابتليت فلا تدل علي) أي: إن ابتليت وقيل: من علمك هذا؟ فلا تخبرهم عني، يريد الرجل بذلك العافية؛ لأنه وإن كان كما سيأتي صبر الصبر العظيم ونشر بمنشار حديد حتى قتل رضي الله تعالى عنه إلا أنه كان يطلب العافية، كما قال النبي ﷺ: (لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية).
فالذي يعرض نفسه للبلاء ويقول: أنا لا يهمني البلاء، على خطر الغرور والإعجاب بالنفس وتزكيتها، وعلى خطر أن يوكل إلى نفسه؛ لأنه معجب بها، وأما الذي يفوض أمره إلى الله، ويسأل الله العافية، ويظهر عجزه وضعفه، فإنه أولى بأن يثبت بتوفيق الله ﷾.
وقوله: (إن ابتليت فلا تدل علي) من الكتمان المشروع، وهو ألا يدل على من علمه الحق لأعدائه فينتقمون منه ويصيبونه بأنواع الأذى، وقد تحمل الغلام في سبيل هذه الوصية ما تحمل إلى أن شاء الله ﷿ عجزه عن تحملها.
قال ﷺ: (وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء)، فسائر الأمراض يداويهم بالدعاء، وكان له تجربة عارف، وأقصر طريق للخير أن يلجأ إلى الله ﷿، فكان يداويهم ويعالجهم بالدعاء والتضرع إلى الله ﷿.
1 / 16