Теории фикха
النظريات الفقهية
Издатель
دار القلم والدار الشامية
Номер издания
الأولى
Год публикации
1414 AH
Место издания
بيروت
ووضعوا لها الضوابط الدقيقة، صوناً للعدالة، واحتياطاً عن الأخذ بمجرد الظن أو الشبهة.
فمثلاً لا يمكن أن يطبق حد السرقة على كل من أخذ مالاً مهما كان قدره وصفته ومكانه وزمانه، ولا يطبق حد الزنا بمجرد خلوة الرجل والمرأة دون مراعاة الشروط والصفات والقيود التي حددتها الشريعة، وقبل سد باب الفساد والرذيلة والفاحشة والأفلام العارية والمناظر المحرمة والاختلاط المشين، والعورات المكشوفة.
وكثيراً ما نلاحظ أن الحاقدين يتجاهلون هذا الأمر الثاني، وينطقون بقسوة الشريعة بتطبيق الحدود بقطع كل يد، ورجم كل مخطىء، وجلد كل هاذٍ، أو يقولون: إن أحكام الشريعة خيالية في مثاليتها، ولا يمكن تطبيقها في زماننا، وقد صلحت لزمن مضى بظروفه ومحيطه الخاص.
ولا نتجاوز الواقع إذا قلنا: إن من يتأمل بعض الكتب الفقهية، وخاصة المتساهلين فيها، الذين توسعوا في درء الحد بالشبهة يرى أن إقامة الحد يقرب من المستحيل، وأن الحدود لا تنفذ إلا نادراً، ومع ذلك فإن شهادة التاريخ تنطق بنجاح هذا النظام في تخفيف الإجرام، والحد من الجنايات، وقلة الفواحش، وندرة الجناة والمجرمين.
والأصل في العقوبة أن تحقق أهدافها الرئيسة العامة، وهي:
أن تكون رادعة للجاني عن العود إلى جريمته، وتصلح شأنه وحاله.
أن تكون زاجرة لغير الجاني، ممن تسول له نفسه الشرّ والاعتداء على غيره، أو الخروج على شريعة ربه.
وكل عقوبة في الدنيا يجب أن تحقق هذين الهدفين، فإن فشلت العقوبة في تحقيقهما وجب استبدالها فوراً، لأن العقوبة ليست مقصودة لذاتها، وإنما وضعت لتحقيق الأهداف منها، فإن لم تحقق الهدف، ولم تستبدل بغيرها، انقلبت إلى عكس هدفها، وأصبحت تشجع الناس على الإجرام، ويكون قانون العقوبات أشد ضرراً في هذه الحالة على المجتمع من فقدان العقوبات أصلاً،
21