المنتخب من كتب شيخ الإسلام
المنتخب من كتب شيخ الإسلام
Издатель
دار الهدى للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Место издания
الرياض
Жанры
تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول، ويعلم بالاضطرار أن طاعة الله ورسوله من تمام الإيمان، وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب ذنبًا كافرًا، ويعلم أنه لو قدر أن قومًا قالوا للنبي ﷺ: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك ونُقِرُّ بألسنتنا بالشهادتين؛ إلا أنَّا لا نطيعك بشيء مما أمرت به ونهيت عنه؛ فلا نصلي، ولا نصوم، ولا نحج، ولا نصدق الحديث، ولا نؤدي الأمانة، ولا نفي بالعهد، ولا نصل الرحم، ولا نفعل شيئًا من الخير الذي أمرت به، ونشرب الخمر، وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر، ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك، ونأخذ أموالهم، بل نقتلك أيضًا ونقاتلك مع أعدائك؛ هل كان يتوهم عاقل أن النبي ﷺ يقول لهم: أنتم مؤمنون كاملو الإيمان، وأنتم من أهل شفاعتي يوم القيامة، ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار؟! بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به، ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك.
وكذلك كل مسلم يعلم أن شارب الخمر والزاني والقاذف والسارق لم يكن النبي ﷺ يجعلهم مرتدين يجب قتلهم، بل القرآن والنقل المتواتر عنه يبين أن هؤلاء لهم عقوبات غير عقوبة المرتد عن الإسلام، كما ذكر الله في القرآن جلد القاذف والزاني وقطع السارق، وهذا متواتر عن النبي ﷺ، ولو كانوا مرتدين لقتلهم؛ فكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول ﷺ.
وأهل البدع إنما دخل عليهم الداخل لأنهم أعرضوا عن هذه الطريق، وصاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها: إما في دلالة الألفاظ، وإما في المعاني المعقولة، ولا يتأملون بيان الله ورسوله، وكل مقدمات تخالف بيان الله ورسوله؛ فإنها تكون ضلالًا، ولهذا تكلم أحمد
1 / 75