المنتخب من كتب شيخ الإسلام
المنتخب من كتب شيخ الإسلام
Издатель
دار الهدى للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Место издания
الرياض
Жанры
معنى تردد الله ﷿ عن قبض نفس
عبده المؤمن
سئل عن قوله ﷺ فيما يروي عن ربِّه ﷿: «وما تردَّدت عن شيء أنا فاعله تردُّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته» (١): ما معنى تردُّد الله؟
فأجاب:
هذا حديث شريف، قد رواه البخاريُّ من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث رُوِي في صفة الأولياء، وقد ردَّ هذا الكلام طائفة وقالوا: إنَّ الله لا يوصف بالتَّردُّد، وإنما يتردَّد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب، وربما قال بعضهم: إنَّ الله يعامل معاملة المتردِّد.
والتحقيق: أنَّ كلام رسوله حقٌّ وليس أحد أعلم بالله من رسوله ولا أنصح للأمَّة منه ولا أفصح ولا أحسن بيانًا منه، فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضلِّ النَّاس وأجهلهم وأسوئهم أدبًا، بل يجب تأديبه وتعزيره، ويجب أن يُصان كلام رسول الله ﷺ عن الظُّنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة، ولكنَّ المتردِّد منَّا وإن كان تردُّده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا؛ فإنَّ الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل؛ فإنَّ الواحد منَّا يتردَّد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد؛ فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهله منه بالشَّيء الواحد الذي يُحَبُّ من
_________
(١) رواه البخاري في (الرقاق، باب التواضع، رقم ٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 36