فإنَّه يُرْوَى أنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَوَضَّأَ مِن بِئْرٍ كأنَّ ماءَه نُقَاعةُ الحِنَّاءِ (٥٢)، ولأنَّه تغيَّر مِن غيرِ مُخالَطةٍ، [فأشْبَهَ المُتَغَيِّر بالمُجاورَةِ] (٥٣).
فصل: وإذا كان علَى العُضْو طاهِرٌ، كالزَّعْفَران والعَجِين، فتَغَيَّرَ به الماءُ وَقْتَ غَسْلِه، لم يَمْنَعْ حُصولَ الطَّهارةِ به؛ لأنَّه تَغَيَّر في مَحَلِّ التَّطْهِير، أشْبَهَ ما لو تغَيَّرَ الماءُ الذي تُزالُ به النَّجاسةُ في مَحَلِّها.
٢ - مسألة؛ قال: (وَمَا سَقَطَ فِيه مِمَّا ذَكَرْنَا أوْ من (١) غَيْرِهِ وَكَانَ يَسِيرًا فلم يُوجَدْ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رائِحةٌ كِثيرَةٌ حَتَّى يُنْسَبَ الْمَاءُ إلَيْهِ تُوُضِّئَ بِهِ).
قوله: "مما ذكرنا"، يعني الباقِلَّا والحِمَّصَ والوردَ والزَّعْفَرانَ وغيرَه، يعني من الطَّاهِرات سِوَاه، وقوله: "حتَّى يُنْسَب الماءُ إليه"، أي: يُضاف إليه، علَى ما قدَّمْنا، واعْتَبر الكَثْرةَ في الرائحةِ، دونَ غيرِها مِن الصِّفات؛ لأنَّ لها سِرَايةً ونُفوذا، فإنَّها تحصُل عن مُجاوَرةٍ تارة، وعن مُخالَطةٍ أُخْرَى، فاعْتَبَر الكثرةَ فيها لِيُعْلَم أنها عن مُخالَطةٍ.
قال ابنُ عَقِيلٍ: غيرُ الْخِرَقِىِّ، مِن أصحابِنا، ذهب إلى التَّسْوِيَةِ بين الرَّائحةِ واللَّوْن والطَّعْم؛ لأنها صفةٌ مِن صفاتِ الماء، فأشْبَهَت اللونَ والطعمَ. وقال القاضي: يجبُ التَّسْوِيةُ بين الرَّائحةِ واللَّون والطَّعم، فإن عُفِىَ عن اليَسِير في بعضِها