بالماء، فيطْهُر به، كالجامِد، وطريقُ تَطْهيرِه جَعْلهُ في ماءٍ كثيرٍ، ويُخاضُ فيه حتى يُصِيبَ الماءُ جميعَ أجْزائِه، ثم يُتْرَك حتى يَعْلُوَ علَى الماءِ، فيُؤْخَذ، وإن تركَه في جَرَّةٍ وَصَبَّ عليه ماءً، فخاضَه به، وجَعل لها بُزالًا (٧١) يخرُج منه الماءُ، جاز، والخبرُ ورَد في السَّمْنِ، ويحْتَمِلُ أن لا يُمْكِنَ تطْهيرُه؛ لأنه يجْمُدُ في الماءِ، ويحْتَمِلُ أنَّ النبيَّ ﷺ تَرَك الأمْرَ بتَطْهيرِه لمشَقَّةِ ذلك، وقِلَّةِ وُقُوعِه.
فصل: وإذا وقعتِ النجاسةُ في غيرِ الماء وكان مائِعًا نَجُسَ، وإن كان جامدًا كالسَّمْنِ الجامِد أُخِذَتِ النجاسةُ بما حولها فأُلْقِيَتْ، والباقي طاهِرٌ؛ لما روَتْ مَيْمونَةُ، رَضِىَ اللَّه عنها، أنَّ رسولَ اللَّه ﷺ سُئِل عن فَأْرَةٍ سقَطَتْ في سَمْنٍ، فقال: "أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ" روَاه البُخارِيُّ (٧٢). وعن أبي هُرَيْرة، ﵁، أنَّ النبيَّ ﷺ سُئل عن الفَأْرةِ تمُوتُ في السَّمْنِ، فقال: "إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ" أخْرجَه (٧٣) الإِمامُ أحمد، في "مُسْنَدهِ"، وإسْنادُه علَى شَرْطِ "الصحيحين".
وحَدُّ الجامِد الذي لا تَسْرِى النجاسةُ إلى جميعِه، هو المُتماسِكُ الذي فيه قوةٌ تَمْنَعُ انتقالَ النَّجاسةِ عن (٧٤) الموْضِع الذي وقعَتْ عليه النجاسةُ إلى ما سِواهُ.
قال الْمَرُّوذِىُّ: قِيلَ لأبي عبد اللَّه في الدوشاب (٧٥). يعني: يقَعُ فيه نجاسةٌ؟ قال: