المَبْحَثُ الخَامِسُ: حِرْصُهُ عَلَى شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمِ بنِيَّةِ العِلْم النَّافِع:
قَالَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ، وَسُئِلَ: مِنْ أَيْنَ أُوتِيتَ الْعِلْمَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِما شُرِبَ لَهُ". وَإِنِّي لمَّا شَرِبْتُ مَاءَ زَمْزَمَ سَأَلْتُ الله عِلْمًا نَافِعًا" (١).
المَبْحَثُ السَّادِسُ: غَزَارَةُ عِلْمِهِ وَسِعَةُ حِفْظِهِ، وَقُوْةُ اسْتِحْضَارِهِ:
قَالَ أَبُو أَحْمَد حُسَيْنَك: سَمِعْتُ إِمَامَ الأَئِمَّة ابنَ خُزَيْمة يَحْكِي عَنْ عَلِيّ بن خَشْرَم عَنْ إِسْحَاق بن رَاهُوَيْه أَنَّهُ قَالَ: "أَحْفَظُ سَبْعِيْن أَلَفَ حَدِيث. فَقُلْتُ لابنِ خزَيْمة: فَكَمْ يَحْفَظُ الشَّيْخ؟ فَضَرَبَنِي عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ: مَا أَكْثَرُ فُضُوْلَكَ. ثُمَّ قَالَ: يَا بُنيَّ، مَا كَتَبْتُ سَوَادًا فِي بَيَاضٍ إِلَّا وَأَنَا أَعْرِفُهُ" (٢).
وَقَالَ الْإِمَام أَبُو عَليّ الحَافِظ: "كَانَ ابنُ خُزَيْمَة يَحْفَظُ الفِقْهِيَّات مِنْ حَدِيْثِهِ، كَمَا يَحْفَظُ القَارِئُ السُّوْرَة" (٣).
وَقَالَ الحُسَيْن بن الحَسَن: سَمِعْتُ عَمِّى أَبَا زَكَرِيَّا يَحْيَى بن مُحَمَّد بن يَحْيَى التَّمِيْمِي يَقُولُ: اسْتَلْقَيْنَا الْأَمِيرَ أَبَا إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن أَحْمَد لمَّا وَرَدَ نَيْسَابُوْر مَعَ ابْنِ خُزَيْمَة، وَمَعَنَا أَبُو بَكْر بن إِسْحَاق وَقَدْ تَقَدَّمَنَا أَبُو عَمْرو الْجفَّاف، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِ الْبَلَدِ فِيْهِم أَبُو بَكْر الجارُوْدِي، فَوَصَلْنَا إِلَيْهِ، وَأَبُوْ عَمْرو عَنْ يَمِيْنِهِ، وَالجَارُوْدِي عَن يَسَارِهِ، وَالأَمِيْرُ يَتَوَهَّم أَنَّ الجَارُوْدِي هُوَ ابْنُ خُزَيْمَة لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَهُمْ بِأَعْيَانِهِم، فَلَمَّا تَقَدَّمْنَا إِلَيْهِ سَلَّمَ ابْن خُزَيْمَة عَلَيْهِ، فَلَم
(١) تَارِيخ الإِسْلام (٧/ ٢٤٤).
(٢) أخْرَجَهُ الحَاكِم فِي تَارِيْخِهِ كَمَا فِي تَارِيْخِ الإِسْلام (٧/ ٢٤٦).
(٣) تَارِيخ الإِسْلام (٧/ ٢٤٦).