357

============================================================

الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة قال أبو الحسين: إن كل من قال بالإرادة الموجبة يحيل القدرة على المراد في حال الإرادة الموجبة.

واختلفوا في الإرادة التي هي تقرب بالفعل: قال جمهور المعتزلة: إنها قبل الفعل أيضا، كما أن الإرادة لا تفعل الفعل قبله.

وقال الإسكافيي: قد يجوز أن تكون مع الفعل.

وقالت المجبرة: هي مع الفعل على حال.

وقال الحسين النجار: إن قوما ممن قال بالإرادة الموجبة قالوا: لن يجوز أن يمنعه الله من المراد؛ وذلك أن الموت(1) لا يكون إلا عن معاينة، فإذا أراد الإنسان أن يفعل في أقرب الأوقات إليه لم يجز أن يموت في ثانية، لأنه لا يموث إلا بالمعاينة، وليس يجوز أن يريد في حال المعاينة أن يفعل الثاني؛ لأن حال المعاينة لا رجاء فيها الإبقاء فتحدث الإرادة لأن يفعل في الثاني.

وقال: ولم يجوزوا فناء الجوارح في الثاني إذا لحدث الإرادة في الحال الأولى.

وحكى أيضا أن قوما منهم قالوا: إن الإنسان إذا أحدث الإرادة لأن يتحرك في أدنى الأوقات إليه، فهو يقدر على أن يتحرك وعلى أن يسكن، وليس بمحال كون الشكون في الثاني، إلا أن التكلم عليه جائز، فلو كان الشكون الثاني لم تكن الإرادة متقدمة في الأول ولن تكون، فليس بمحال كونه، ولو كان لم يكن الا بارادة متقدمة.

قالوا: ومثلوا ذلك بقولهم: إن الله يعلم ما هو كائن، وليس بمحال كون (1) في الأصل: الموات.

Страница 357