انْتَهَى. ثُمَّ الْعَجَبُ مِمَّنْ يَتَسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ فِي كَوْنِهِمْ أَكْثَرُوا النَّكِيرَ عَلَى مَالِكٍ ﵀ فِي أَخْذِهِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي، ثُمَّ إنَّهُمْ اقْتَدُوا فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ بِمَنْ أَحْدَثَهَا فِي الْقَرْنِ السَّابِعِ وَلَيْسُوا بِالْمَدِينَةِ بَلْ بِالْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ ﵀ الْعَمَلُ أَثْبُتُ مِنْ الْأَحَادِيثِ قَالَ: مَنْ اقْتَدَى بِهِ وَإِنَّهُ لَضَعِيفٌ أَنْ يُقَالَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ التَّابِعِينَ تَبْلُغُهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ الْأَحَادِيثُ فَيَقُولُونَ مَا نَجْهَلُ هَذَا وَلَكِنْ مَضَى الْعَمَلُ عَلَى غَيْرِهِ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ جَرِيرٍ رُبَّمَا قَالَ لَهُ أَخُوهُ لِمَ لَمْ تَقْضِ بِحَدِيثِ كَذَا فَيَقُولُ: لَمْ أَجِدْ النَّاسَ عَلَيْهِ قَالَ النَّخَعِيُّ لَوْ رَأَيْت الصَّحَابَةَ ﵃ يَتَوَضَّئُونَ إلَى الْكُوعَيْنِ مَا تَوَضَّأْتُ كَذَلِكَ وَأَنَا أَقْرَؤُهَا ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يُتَّهَمُونَ فِي تَرْكِ السُّنَنِ وَهُمْ أَرْبَابُ الْعِلْمِ وَهُمْ أَحْرَصُ خَلْقِ اللَّهِ عَلَى اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا يَظُنُّ ذَلِكَ بِهِمْ أَحَدٌ إلَّا ذُو رِيبَةٍ فِي دِينِهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ السُّنَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنْ سُنَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنْ الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ الْحَدِيثُ مَضَلَّةٌ إلَّا لِلْفُقَهَاءِ يُرِيدُ أَنَّ غَيْرَهُمْ قَدْ يَحْمِلُ الشَّيْءَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَهُ تَأْوِيلٌ مِنْ حَدِيثٍ غَيْرِهِ أَوْ دَلِيلٌ يَخْفَى عَلَيْهِ أَوْ مَتْرُوكٌ أَوْجَبَ تَرْكَهُ غَيْرُ شَيْءٍ مِمَّا لَا يَقُومُ بِهِ إلَّا مَنْ اسْتَبْحَرَ وَتَفَقَّهَ. قَالَ مَالِكٌ ﵀ وَإِنَّمَا فَسَدَتْ الْأَشْيَاءُ حِينَ تَعَدَّى بِهَا مَنَازِلُهَا وَلَيْسَ هَذَا الْجَدَلُ مِنْ الدَّيْنِ بِشَيْءٍ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمِنْ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ قَالَ مَالِكٌ ﵀ الْعِلْمُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالْأَمْرِ الْمَاضِي الْمَعْرُوفِ الْمَعْمُولِ بِهِ. ثُمَّ اُنْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ إلَى مَكِيدَةِ الشَّيْطَانِ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَمَا أَوْقَعَ فِيهَا مِنْ سُمِّهِ السَّمُومِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ أَوْ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ ﵃. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ فِيهِ اسْمُ نَبِيٍّ إلَّا بَعَثَ اللَّهُ ﵎ إلَيْهِمْ مَلَكَا يُقَدِّسُهُمْ
1 / 128