اللباب في فقه السنة والكتاب
اللباب في فقه السنة والكتاب
Издатель
مكتبة الصحابة (الشارقة)
Номер издания
الثانية
Год публикации
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
Место издания
مكتية التابعين (القاهرة)
Жанры
وقد حكى الله عن قارونَ وماله وكبريائه، وافتتان الناس به، وإنكار العلماء تمنى مثل ما أوتي، فقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [القصص: ٨٠].
فمن رام الفلاحَ في الدنيا والآخرة، فعليه أن يخلص النية لله في طلب العلم، والتفقه في الدين، وقد حذر النبي ﷺ من عدم إخلاص النية لله في ذلك.
فعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسولُ الله ﷺ: "من تعلَّم علمًا مما يُبتغى به وجْهُ الله، لا يتعلَّمُهُ إلَّا ليُصيب به عَرَضًا من الدُّنيا، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يومَ القِيامةِ " يعني ريحها (^١).
وعن علي ﵁ أنه ذكر فِتنًا تكونُ في آخرِ الزمان فقال لَه عمرُ ﵁: متى ذلكَ يا عليُّ؟ قال: "إذا تُفُقه لغير الدِّين، وتُعلِّم العلمُ لغير العملِ، والْتُمِسَتِ الدُّنيا بعملِ الآخرة" (^٢).
وعن جابر بن عبد الله: أن النبي ﷺ قال: "لا تعلَّمُوا العلَم لتُباهُوا به العلماء، ولا لِتُمَاروا به السُّفَهاءَ، ولا تَخَيَّرُوا به المجالس، فمن فعلَ ذلكً فالَنَّارَ النَّارَ" (^٣).
ولقد جاء الحديث الصحيح يحمل الوعيد الشديد للثلاثة الذين أفسد الرياءُ أعمالهم، ونقلهم من ديوان المخلصين الصادقين إلى ديوان المرائين الكاذبين، فكانوا أول من تُسَعَّر
_________
(^١) وهو حديث صحيح: أخرجه أبو داود (١٠/ ٩٧ - مع العون)، وابن ماجه (١/ ٩٢ رقم ٢٥٢)، والحاكم (١/ ٨٥)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٣٤٦ - ٣٤٧) و(٨/ ٧٨)، وابن حبان (١/ ٢٤٥ - الإحسان) كلهم من طريق أبي يحيى فليح بن سليمان الخزاعي، وهو صدوق كثير الخطأ، (التقريب: ٢/ ١١٤)، ولكن يشهد له حديثُ جابر الذي أخرجه، وابن ماجه (١/ ٩٣ رقم ٢٥٤)، والحاكم (١/ ٨٦) وابنُ حبانَ (١/ ٢٤٤ - الإحسان).
وحديث أنس عند البزار (١/ ١٠١ رقم ١٧٨ - كشف) والخطيب في "اقتضاء العلم العمل" رقم (١٠١). وصححه الألباني ﵀ في "صحيح الترغيب والترهيب" (١/ ٤٦ رقم ١٠٠).
(^٢) وهو أثر صحيح: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١١/ ٣٦٠ رقم ٢٠٧٤٣)، والحاكم (٤/ ٤٥١) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (١/ ٤٨ رقم ١٠٧).
(^٣) وهو حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه (١/ ٩٣ رقم ٢٥٤)، وابن حبان في صحيحه (١/ ٢٤٤ - الإحسان)، والحاكم (١/ ٨٦)، وابن عبد البر في "الجامع" (١/ ١٨٧)، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (١/ ١١٦)، "وكلهم من رواية يحيى بن أيوب الغافقي، عن ابن جريج عن أبي الزبير عنه، ويحيى هذا ثقة احتج به الشيخان وغيرهما، ولا يلتفت إلى من شذّ فيه".
قلت: إنّ ابن جريج وشيخه أبا الزبير مُدَلِّسانِ من المرتبة الثالثة، وقد عَنْعَناهُ، غيرَ أن الحديث صحيحٌ على كل حال، فإنَّ له شواهدَ يتقوى بها، وتتقوى به.
(منها): حديث ابن عمر الذي أخرجه ابن ماجه رقم (٢٥٣)، (ومنها) حديث أبي هريرة أيضًا أخرجه ابن ماجه رقم (٢٦٠)، و(منها) حديث كعب بن مالك الذي أخرجه الترمذي (٧/ ٤١٤ - مع التحفة)، وقد صحح الشيخ الألباني الحديث وشواهده في صحيح الترغيب رقم (١٠٢) و(١٠٤) و(١٠٥) و(١٠١).
1 / 5