Достаточность в науке о повествовании

Хатиб аль-Багдади d. 463 AH
19

Достаточность в науке о повествовании

الكفاية في علم الرواية

Издатель

جمعية دائرة المعارف العثمانية

Номер издания

الأولى

Год публикации

1357 AH

Место издания

حيدر آباد

وَإِنْ قَالَ: كَمَا يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى كَذِبِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ مَتَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عِلْمٌ دَالٌ عَلَى صِدْقِهِ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى كَذِبِ الْمُخْبِرِ مَتَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حُجَّةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ - يُقَالُ لَهُ: إِنْ كَانَ هَذَا قِيَاسًا صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِتَكْذِيبِ جَمِيعِ آحَادِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، مَتَى انْفَرَدُوا بِالْخَبَرِ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُمْ دِلَالَةٌ عَلَى صِدْقِهِمْ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنِ الْإِجْمَاعِ، وَجَهْلٌ مِمَّنْ صَارَ إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ قِيَاسُ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ وَرَاوِي الْخَبَرِ وَاحِدًا، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّهَادَةِ مِثْلُهُ، وَأَنْ يُقْطَعَ عَلَى كُلِّ شَهَادَةٍ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهَا، أَوْ يَبْلُغْ عَدَدُ الشُّهُودِ عَدَدَ أَهْلِ التَّوَاتُرِ، أَنَّهَا كَذِبٌ وَزُورٌ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ ذُو تَحْصِيلٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ مِنْ حَكَّامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، وَلَا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ، وَبِشَهَادَةِ مَنْ لَمْ يَقُمِ الدَّلِيلُ عَلَى صِدْقِهِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْكُمُ بِشَهَادَةٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ. ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ خَبَرِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ وَبَيْنَ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ يُخْبِرُنَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِتَعْظِيمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَمُوَالَاتِهِ، وَالْقَطْعِ عَلَى طَهَارَتِهِ وَنَقَاءِ سَرِيرَتِهِ، وَالْعِلْمِ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي جَمِيعِ مَا يُخْبِرُ بِهِ، فَوَجَبَ مَعَ تَكْلِيفِ ذَلِكَ إِزَاحَةُ الْعِلَّةِ فِيمَا بِهِ يُعْلَمُ حُصُولُ صِدْقِهِ، وَالْقَطْعُ عَلَى إِرْسَالِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَإِلَّا كَانَ تَكْلِيفًا لِلشَّىْءِ مَعَ عَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ وَخَارِجٌ عَنْ بَابِ التَّعَبُّدِ. وَأَمَّا خَبَرُ الْوَاحِدِ فَمَا تَعَبَّدْنَا فِيهِ بِهَذَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ يُخْبِرُنَا عَمَّنْ يُخْبِرُنَا عَنْهُ بِمَا لَا يَصِحُّ أَنْ نَعْلَمَهُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا هُوَ خَبَرٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا نَحْنُ مَأْمُورُونَ بِالْقَطْعِ عَلَى طَهَارَةِ سَرِيرَتِهِ وَالْعِلْمِ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي خَبَرِهِ، بَلْ إِنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِالْعَمَلِ بِخَبَرِهِ مَتَى ظَنَنَّا كَوْنَهُ صِدْقًا، فَحَالُهُ فِي ذَلِكَ كَحَالِ الشَّاهِدِ الَّذِي أَمَرَنَا بِالْعَمَلِ بِشَهَادَتِهِ، دُونَ اعْتِقَادِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيهِ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ قِيَاسُ الشَّهَادَةِ عَلَى ادِّعَاءِ النُّبُوَّةِ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِيَاسُ الْخَبَرِ عَلَيْهَا، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ

1 / 19