226

الخراج

الخراج

Исследователь

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Издатель

المكتبة الأزهرية للتراث

Номер издания

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Год публикации

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

بَنِي الْحِلْسِ١، وَكَانَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ؛ فَلَمَّا رَآهُ ﷺ قَالَ: "هَذَا ابْنُ الْحِلْسِ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يعظمون الْهدى فَابْعَثُوا لَهُ الْهَدْيَ حَتَّى يَرَاهُ".
فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْهَدْيِ فِي قَلائِدِهِ لَمْ يُكَلِّمَهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَرَجَعَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ؛ فَقَالَ: أَتَى الْقَوْمُ بِالْهَدْيِ وَالْقَلائِدِ -فَعَظُمَ عَلَيْهِمْ وَحَذَّرَهُمْ- قَالَ: فَشَتَمُوهُ وَجَبَهُوهُ٢، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ لَا عِلْمَ لَكَ، وَلَسْنَا نَعْجَبُ مِنْكَ؛ وَإِنَّمَا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا حَيْثُ أَرْسَلْنَاكَ.
ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ: انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدَ وَلَا نؤتى من قبل رَأَيْت؛ فَسَارَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ؛ فَلَمَّا لَقِيَهُ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جَمَعْتَ أَوْبَاشَ النَّاسِ ثُمَّ سِرْتَ بِهِمْ إِلَى عِتْرَتِكَ وَبَيْضَتِكَ٣ الَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْكَ لِتُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ، تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَدْ لبسوا جُلُود النمو وَجَاءُوا بالعوذ الْمَطَافِيلِ٤ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ لَا تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلا عَرَضُوا لَكَ أَمَرَّ مِنْهَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ، وَلَكِنْ أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِيَ عُمْرَتَنَا، وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا؛ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِي قَوْمَكَ فَإِنَّهُمْ أَهْلِي، وَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ، وَإِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهُمْ أَنْ تَأْكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلا مَا قَدْ أَكَلَتْ، فَيَجْعَلُونَ بَيْنِي وَبينهمْ مُدَّة يزِيد يها نَسْلُهُمْ وَيُؤْمَنُ فِيهَا شَرُّهُمْ وَيُخَلُّوا بيني وَبَيت الْبَيْتِ فَنَقْضِي عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرُ هَدْيَنَا، ويخلو بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَصَابُونِي فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيدُونَ وَإِنْ أَظْهَرَنِي الله عَلَيْهِم اخْتَارُوا لأَنهم: إِمَّا قَاتَلُوا مُعْدِينَ؛ وَإِمَّا دَخَلُوا فِي السِّلْمِ وَافِرِينَ؛ فَإِنِّي وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى؛ هَذَا الأَمْرَ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يَمْضِيَ أَمْرُ اللَّهِ وتنفرد سَالِفَتِي٥؛ فَلَمَّا سَمِعَ عُرْوَةُ مَقَالَتَهُ رَجَعَ إِلَى قُرَيْش فَقَالَ: تعلمن أَنَّكُمْ أَخْوَالِي وَعَشِيرَتِي وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَقَدِ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِي الْمَجَامِعِ؛ فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ أتيتكم بأهلي حَتَّى سكت بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيكُمْ تَعْلَمُنَّ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ، وَتَعْلَمُنَّ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ وَقَدْ قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوكِ؛ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنِّي مَا رَأَيْتُ مَلِكًا وَلا عَظِيمًا أَعْظَمَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ إِنَّ مِنْهُمْ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ فِي الْكَلامِ؛ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ تَكَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَكَتَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ٦ يَصُبُّونَهُ عَلَى رُءُوسهم يتخذونه

١ فِي السِّيرَة: رجل من تهَامَة انْظُر سيرة ابْن هِشَام وَابْن إِسْحَاق من تحقيقنا.
٢ واجهوه بِمَا يكره.
٣ أصلك وعشيرتك.
٤ أَي النِّسَاء والذرية.
٥ السالفة صفحة الْعُنُق -كِنَايَة عَن الْمَوْت.
٦ بِفَتْح الْوَاو أَي المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ مِنْهُ.

1 / 228