الدرس ٥٤
قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦١)﴾ [سورة التوبة].
قال رَحِمَه اللهُ تَعالى:
أي: ومِن هؤلاء المنافقين ﴿الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ﴾ بالأقوال الرديَّة والعيب له ولدينه.
﴿وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ﴾، أي: لا يُبالون بما يقولون من الأذية للنبي ﷺ، ويقولون: إذا بلغه عنَّا بعض ذلك جئنا نعتذر إليه فيقبل منا؛ لأنه أُذُنٌ، أي: يقبل كل ما يقال له لا يميز بين صادق وكاذب. وقصدهم -قَبَّحهم الله- فيما بينهم: أنهم غير مكترثين بذلك ولا مهتمين به؛ لأنه إذا لم يبلغه فهذا مطلوبهم، وإن بلغه اكتفوا بمجرد الاعتذار الباطل؛ فأساءوا كل الإساءة من أوجه كثيرة:
١ - أعظمها أذية نبيهم ﷺ الذي جاء لهدايتهم وإخراجهم من الشَّقاء والهلاك إلى الهدى والسعادة.
٢ - عدم اهتمامهم -أيضًا- بذلك، وهو قَدْرٌ زائد على مجرد الأذية.
٣ - قدحهم في عقل النبي ﷺ وعدم إدراكه وتفريقه بين الصادق والكاذب، وهو أكمل الخلق عقلًا وأتمهم إدراكًا وأثقبهم رأيًا وبصيرة، ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾، أي: يقبل من قال له خيرًا وصدقًا. [٢/ ٦٦٣].
• • •