مسطح، وإن عائشة تقول لها " أي أم تسبين ابنك " وأنها انتهرتها في الثالثة، فقالت: والله ما أسبه إلا فيك.
وعند الطبراني: فقلت أتسبين ابنك وهو من المهاجرين الأولين. وفي رواية: فقلت: أتقولين هذا لابنك وهو صاحب رسول الله ﷺ؟ ففعلت مرتين، فاعدت عليها، فحدثتني بالخبر.
وفي هذه المقطوعة بيان فضيلة أهل بدر وشرفهم، ووجوب الذب عنهم، كما فعلت أم المؤمنين، ﵂، في ذبّها عن مسطح، وهذا هو المنهج النبوي الذي كان قائمًا على حسن الظن والذب عن المؤمنين.
وكذا فإن أم مسطح لم تحاب ولدها في وقوعه في حق عائشة، بل تعمدت سبه على ذلك دفاعًا عن عائشة، وهي قالت ما قالته إما عمدًا لتتوصل إلى إخبار عائشة بما قيل فيها، وهي غافلة، أو يكون قولها ذلك وقع اتفاقًا، أجراه الله تعالى على لسانِها، لتستيقظ عائشة من غفلتها عما قيل فيها، وهذا فيه فضيلة قوية لأم مسطح (١)
قال الإمام الذهبي: إياك يا جري أن تنظر إلى هذا البدري شزرًا؛ لهفوة بدت منه، فإنّها قد غُفرت، وهو من أهل الجنة، وإياك يا رافضي أن تلوّح بقذف أم المؤمنين بعد نزول النص في براءتِها فتجب لك النار (٢) لكن ما جرى من أم مسطح مع ابنها كان فعلًا طبيعيًا، وردة فعل عادية، تأثرًا مع
(١) ابن حجر: فتح الباري: ٨/ ٣٢٢ - ٣٣٨، العيني: عمدة القاري: ٩/ ٥٢٩ - ٥٣٠
(٢) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٣/ ٧٨
1 / 286