بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة، والذي عليه الجماعة من أئمة هذا الأمة، وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم، فيلزم البحث عن عدالتهم، ومنهم من فرق بين حالهم في بُداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث وهذا مردود، فإن خيار الصحابة وفضلاؤهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم بالجنة، فقال: (مغفرة وأجرًا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول ﷺ، وهم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم، إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد، وكل مجتهد مصيب (١)
قلت: ولذا قال ابن عباس ﵄: لا تسبوا أصحاب محمد ﷺ، فإن الله ﷿ قد أمرنا بالاستغفار لهم وهو يعلم أنّهم سيقتلون (٢)
وقال العلماء: إن عدالة الصحابة لا تنافي الخطأ في الاجتهاد (٣) قال تعالى [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا] البقرة ١٤٣، أخرج سعيد بن
(١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ١٦/ ٢٥٤
(٢) اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ٧/ ١٣٢٤
(٣) الألوسي: روح المعاني: دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٥هـ (٨/ ٢٣)، القاسمي: قواعد التحديث: ١/ ١٦٧، العجلي: معرفة الثقات: ١/ ٩٤
1 / 199