364

الإحكام في أصول الأحكام

الإحكام في أصول الأحكام

Редактор

الشيخ أحمد محمد شاكر

Издатель

دار الآفاق الجديدة

Место издания

بيروت

ضد له خاص أو عام فإنك إذا أمرته بالقيام فقد نهيته عن القعود والاضطجاع والاتكاء والانحناء والسجود وعن كل هيئة حاشا القيام وإنما كان هكذا لأن ترك أفعال كثيرة مختلفة في وقت واحد واجب موجود ضرورة لأن من قام فقد ترك كل فعل خالف القيام كما أخبرنا في حال قيامه وأما الإتيان بأفعال كثيرة في وقت واحد وهي مختلفة متنافية ومتضادة فمحال لا سبيل إليه ألا ترى من سافر فإنما يمشي إلى جهة واحدة وهو تارك لكل جهة غير التي توجه نحوها ولا يمكنه أن يتوجه إلى جهتين في وقت واحد بفعله نفسه وتخالف أيضا بنية النهي بنية الأمر في وجه آخر وهو أن ما ورد نهيا بلفظ أو فهو نهي عن الجميع مثل قوله تعالى ﴿فصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا﴾ ومثل قولك
لا تقتل زيدا أو عمرا أو خالدا فهو يقتضي النهي عن قتلهم كلهم وما ورد أمرا بلفظ أو فهو تخيير في أحد الأقسام المذكورة مثل قولك كل خبزا أو تمرا أو لحما وخذ هذا أو هذا والنهي يقتضي اجتناب المنهى عنه كما أن الأمر يقتضي إتيان المأمور به وقد بينا أن النهي عن الشيء أمر بتركه والأمر بالترك يقتضي وجوب الترك وبينا أن الأمر بالشيء نهي عن تركه فالنهي عن الترك يقتضي الفعل الذي بوقوعه يرتفع تركه وبالله تعالى التوفيق وقد اعترض في هذا بعض أهل الشغب فقال لو كان الأمر بالشيء نهيا عن تركه أو كان النهي عن الشيء أمرا بتركه لكان العلم بالشيء جهلا بضده قال علي وحكاية هذا الكلام الساقط تغني عن تكلف الرد عليه لأنه رام التشبيه بين ما لا تشابه بينه وهو بمنزلة من قال لو كان الموت ضد الحياة لكان السمع ضد البصر ومثل هذا من الغثائث ينبغي لمن كان به رمق

3 / 69