Ихкам фи Усул Ахкам

Саид ад-Дин ал-Ами d. 631 AH
46

Ихкам фи Усул Ахкам

الإحكام في أصول الأحكام

Издатель

المكتب الإسلامي

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤٠٢ هـ

Место издания

(دمشق - بيروت)

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ﴾ فَمَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى حَقِيقَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى خَلْقُ الْإِرَادَةِ فِيهِ. سَلَّمْنَا دَلَالَةَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى التَّجَوُّزِ، لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَجَازَ كَذِبٌ، وَلِذَلِكَ يَصْدُقُ نَفْيُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْقَائِلِ لِلْبَلِيدِ (حِمَارٌ) وَلِلْإِنْسَانِ الشُّجَاعِ (أَسَدٌ)، وَنَقِيضُ النَّفْيِ الصَّادِقِ يَكُونُ كَاذِبًا، وَلِأَنَّ الْمَجَازَ هُوَ الرَّكِيكُ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَلَامُ الرَّبِّ تَعَالَى مِمَّا يُصَانُ عَنْهُ. سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ ثُمَّ الْعَجْزُ عَنِ الْحَقِيقَةِ وَيَتَعَالَى الرَّبُّ عَنْ ذَلِكَ. سَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْعَجْزِ عَنِ الْحَقِيقَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ بِلَفْظِهِ دُونَ قَرِينَةٍ، وَرُبَّمَا تَخْفَى فَيَقَعُ الِالْتِبَاسُ عَلَى الْمُخَاطَبِ، وَهُوَ قَبِيحٌ مِنَ الْحَكِيمِ. سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى الِالْتِبَاسِ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا خَاطَبَ بِالْمَجَازِ وَجَبَ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مُتَجَوِّزًا نَظَرًا إِلَى الِاشْتِقَاقِ كَمَا فِي الْوَاحِدِ مِنَّا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. سَلَّمْنَا عَدَمَ اتِّصَافِهِ غَيْرَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقٌّ فَلَهُ حَقِيقَةٌ وَالْحَقِيقَةُ مُقَابِلَةٌ لِلْمَجَازِ. وَالْجَوَابُ قَوْلُهُمْ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ لِنَفْيِ التَّشْبِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْكَافُ هَاهُنَا لِلتَّشْبِيهِ لَكَانَ مَعْنَى النَّفْيِ: لَيْسَ مِثْلَ مِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ تَنَاقُضٌ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ مِثْلٌ لِمَثَلِهِ، فَالْمِثْلُ فِي الْآيَةِ زَائِدٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ مِثْلُكَ لَا يَقُولُ هَذَا الْمُشَارِكُ لَهُ فِي صِفَاتِهِ. وَقَوْلُهُمْ: الْمُرَادُ مِنَ الْقَرْيَةِ النَّاسُ الْمُجْتَمِعُونَ، لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ هِيَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ لَا نَفْسُ الِاجْتِمَاعِ، وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَ الزَّمَانُ الَّذِي فِيهِ يَجْتَمِعُ دَمُ الْحَيْضِ قُرْءً، وَكَذَلِكَ يُقَالُ: الْقَارِيُّ لِجَامِعِ الْقُرْآنِ، وَالْمُقْرِي لِجَامِعِ الْأَضْيَافِ. قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْعِيرَ هِيَ الْقَافِلَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنَ النَّاسِ. قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ لَا نَفْسِ النَّاسِ فَقَطْ، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ لِمُجْتَمَعِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ بَهَائِمُ: قَافِلَةٌ.

1 / 48