Ихкам фи Усул Ахкам

Саид ад-Дин ал-Ами d. 631 AH
39

Ихкам фи Усул Ахкам

الإحكام في أصول الأحكام

Издатель

المكتب الإسلامي

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤٠٢ هـ

Место издания

(دمشق - بيروت)

وَلَيْسَ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْقَبِيلِ الْجَائِزِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ ذَلِكَ تَجَوُّزًا، وَلَكِنْ لَيْسَ الْقَوْلُ بِالتَّجَوُّزِ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَإِجْرَاءُ لَفْظِ الْقُرْآنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ. فَإِنْ قِيلَ: بَلْ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، فَإِنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَلْزَمُ مِنْهُ النَّقْلُ وَتَغْيِيرُ اللُّغَةِ، فَيَسْتَدْعِي ثُبُوتَ أَصْلِ الْوَضْعِ وَإِثْبَاتَ وَضْعٍ آخَرَ. وَالْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَغْيِيرٌ فَكَانَ أَوْلَى. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْأَوْضَاعِ الْبَقَاءُ لَا التَّغْيِيرُ، وَإِدْرَاجُ مَا نَحْنُ فِيهِ تَحْتَ الْأَغْلَبِ أَغْلَبُ. قُلْنَا: بَلْ جَانِبُ الْخَصْمِ أَوْلَى ; لِمَا فِيهِ مِنَ ارْتِكَابِ مَجَازٍ وَاحِدٍ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ فَفِيهِ ارْتِكَابُ مَجَازَاتٍ كَثِيرَةٍ فَكَانَ أَوْلَى. وَعَلَى هَذَا فَقَدَ انْدَفَعَ قَوْلُهُمْ بِالتَّجَوُّزِ بِجِهَةِ التَّخْصِيصِ أَيْضًا، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَسْمِيَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُتَابَعَةِ لِلْإِمَامِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تُسَمَّى صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ صَلَاةً لِعَدَمِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا. وَقَوْلُهُمْ فِي الزَّكَاةِ: أَنَّ الْوَاجِبَ سُمِّيَ زَكَاةً بِاسْمِ سَبَبِهِ تَجَوُّزًا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَصِحَّ تَسْمِيَتُهُ زَكَاةً، عِنْدَ عَدَمِ النَّمَاءِ فِي الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ النَّمَاءُ حَاصِلًا فَالتَّجَوُّزُ بِاسْمِ السَّبَبِ عَنِ الْمُسَبِّبِ جَائِزٌ مُطْلَقًا أَوْ فِي بَعْضِ الْأَسْبَابِ، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ. وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسْمِيَةُ الصَّيْدِ شَبَكَةً، وَإِنْ كَانَ نَصْبُهَا سَبَبًا لَهُ، وَلَا يُسَمَّى الِابْنُ أَبًا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ سَبَبًا لَهُ، وَكَذَلِكَ لَا يُسَمَّى الْعَالَمُ إِلَهًا وَإِنْ كَانَ الْإِلَهُ تَعَالَى سَبَبًا لَهُ (١)، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّظَائِرِ. وَعِنْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ التَّجَوُّزِ بِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَقَدِ احْتَجُّوا بِمَا سَبَقَ مِنَ الْآيَاتِ وَبِقَوْلِهِمْ: إِنَّ الْإِيمَانَ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَفِي الشَّرْعِ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ التَّصْدِيقِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﵇

(١) فِي الْإِخْبَارِ عَنِ اللَّهِ بِأَنَّهُ سَبَبٌ جَفْوَةٌ وَإِيهَامٌ أَنْ يَنْشَأَ عَنْهُ الْمُسَبَّبُ دُونَ اخْتِيَارِ مِنْهُ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ، فَلَوِ اكْتَفَى بِالْمِثَالَيْنِ قَبْلُ لَكَانَ أَبْعَدَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ.

1 / 41