Ихкам фи Усул Ахкам
الإحكام في أصول الأحكام
Издатель
المكتب الإسلامي
Номер издания
الثانية
Год публикации
1402 AH
Место издания
(دمشق - بيروت)
Жанры
Усуль аль-фикх
قُلْنَا: إِذَا كَانَ الْغَرَضُ (١) إِنَّمَا هُوَ غَلَبَةُ السَّهْوِ أَوِ التَّعَادُلُ، فَالرَّاوِي وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا مَا يَظُنُّ أَنَّهُ ذَاكِرٌ لَهُ، فَذَلِكَ لَا يُوجِبُ حُصُولَ الظَّنِّ بِصِحَّةِ رِوَايَتِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ النِّسْيَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ مَا نَسِيَ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا.
وَأَمَّا إِنْكَارُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كَثْرَةَ الرِّوَايَةِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ وَغَلَبَةِ النِّسْيَانِ عَلَيْهِ، بَلْ لِأَنَّ الْإِكْثَارَ مِمَّا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ اخْتِلَالُ الضَّبْطِ الَّذِي لَا يَعْرِضُ لِمَنْ قَلَّتْ رِوَايَتُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعِيدًا.
وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ دَلِيلٌ، وَالْأَصْلَ فِيهِ الصِّحَّةُ، فَلَا يُتْرَكُ بِالشَّكِّ.
قُلْنَا: إِنَّمَا يَكُونُ دَلِيلًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ الصِّحَّةُ، إِذَا كَانَ مُغَلِّبًا عَلَى الظَّنِّ، وَمَعَ عَدَمِ تَرْجِيحِ ذِكْرِ الرَّاوِي عَلَى نِسْيَانِهِ لَا يَكُونُ مُغَلِّبًا عَلَى الظَّنِّ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا لِوُقُوعِ التَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ دَلِيلًا لَا فِي أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ، ثُمَّ تَيَقَّنَ سَابِقَةَ الطَّهَارَةِ، فَإِنَّ تَيَقُّنَ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ، وَبِالنَّظَرِ إِلَيْهِ يَتَرَجَّحُ إِلَيْهِ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ، فَلَا يَبْقَى مَعَهُ الشَّكُّ فِي الدَّوَامِ حَتَّى إِنَّهُ لَوْ بَقِيَ الشَّكُّ مَعَ النَّظَرِ إِلَى الْأَصْلِ، لَمَا حُكِمَ بِالطَّهَارَةِ.
[الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْعَدَالَةِ]
ِ وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ (الْعَدْلِ) لُغَةً وَشَرْعًا.
أَمَّا الْعَدْلُ فِي اللُّغَةِ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُتَوَسِّطِ فِي الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ فِي طَرَفَيِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ أَيْ عَدْلًا.
فَالْوَسَطُ وَالْعَدْلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَقَدْ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ الْمُقَابِلُ لِلْجَوْرِ، وَهُوَ اتِّصَافُ الْغَيْرِ بِفِعْلِ مَا يَجِبُ لَهُ، وَتَرْكِ مَا لَا يَجِبُ، وَالْجَوْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ: وَيُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ يَتَعَدَّى الْفَاعِلُ إِلَى غَيْرِهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمَلِكِ الْمُحْسِنِ إِلَى رَعِيَّتِهِ: عَادِلٌ.
وَأَمَّا فِي لِسَانِ الْمُتَشَرِّعَةِ، فَقَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ أَهْلِيَّةُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
(١) الْغَرَضُ؛ بَالْغَيْنِ، صَوَابُهُ: الْفَرْضُ؛ بِالْفَاءِ.
2 / 76