Ихкам фи Усул Ахкам

Саид ад-Дин ал-Ами d. 631 AH
171

Ихкам фи Усул Ахкам

الإحكام في أصول الأحكام

Издатель

المكتب الإسلامي

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤٠٢ هـ

Место издания

(دمشق - بيروت)

وَلِهَذَا فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا وَلَمْ يُجِبْ عَلَى غَيْرِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ لَا يُقَالُ لَهُ إِنَّهُ مُخَالِفٌ فِي الْفِعْلِ، بِتَقْدِيرِ التَّرْكِ. وَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنِ الْحَائِضُ مُخَالِفَةً بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِهَا. وَعَلَى هَذَا فَلَا يَخْفَى وُجُوهُ الْمُخَالَفَةِ فِي التَّرْكِ. وَإِذْ أَتَيْنَا عَلَى مَا أَرَدْنَاهُ مِنْ ذِكْرِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، فَلْنَرْجِعْ إِلَى الْمَقْصُودِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَفْعَالِ الرَّسُولِ ﵇. [الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَفْعَالِ النَّبِيِّ ﵇ هَلْ هِيَ دَلِيلٌ لِشَرْعٍ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا أَمْ لَا] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَفْعَالِ النَّبِيِّ ﵇، هَلْ هِيَ دَلِيلٌ لِشَرْعٍ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا أَمْ لَا؟ وَقَبْلَ النَّظَرِ فِي الْحِجَاجِ لَا بُدَّ مِنْ تَلْخِيصِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَنَقُولُ: أَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْجِبِلِّيَّةِ كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِ، فَلَا نِزَاعَ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى أُمَّتِهِ. وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ، مِمَّا ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ خَوَاصِّهِ الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ، فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى التَّشْرِيكِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِيهِ إِجْمَاعًا. وَذَلِكَ كَاخْتِصَاصِهِ بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالْوِتَرِ وَالتَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَالْمُشَاوَرَةِ وَالتَّخْيِيرِ لِنِسَائِهِ، وَكَاخْتِصَاصِهِ بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ، وَصَفِيَّةِ الْمَغْنَمِ، وَالِاسْتِبْدَادِ (١) بِخُمْسِ الْخُمْسِ، وَدُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامِ، وَالزِّيَادَةِ فِي النِّكَاحِ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ (٢) . وَأَمَّا مَا عُرِفَ كَوْنُ فِعْلِهِ بَيَانًا لَنَا، فَهُوَ دَلِيلٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَذَلِكَ إِمَّا بِصَرِيحِ مَقَالِهِ كَقَوْلِهِ: " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» «وَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ". أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا وَرَدَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ أَوْ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ أَوْ مُطْلَقٌ أُرِيدَ بِهِ التَّقْيِيدُ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، ثُمَّ فَعَلَ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِعْلًا صَالِحًا لِلْبَيَانِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيَانًا حَتَّى لَا يَكُونَ مُؤَخَّرًا لِلْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ كَقَطْعِهِ يَدَ السَّارِقِ مِنَ الْكُوعِ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾، وَكَتَيَمُّمِهِ

(١) فِي التَّعْبِيرِ بِالِاسْتِبْدَادِ جَفْوَةٌ وَسُوءُ أَدَبٍ، وَخَاصَّةً فِي جَانِبِ الرَّسُولِ ﵊. (٢) فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ نَظَرٌ كَالْمُشَاوَرَةِ، فَإِنَّ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ تَقْتَدِيَ بِهِ فِيهَا.

1 / 173