Хави аль-Кабир
الحاوي الكبير
Исследователь
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الأولى
Год публикации
1419 AH
Место издания
بيروت
فِي التَّيَمُّمِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَسْحِ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ بِحَرْفِ الْبَاءِ فَقَالَ: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ مِنْهُ) ﴿المائدة: ٦) . كَمَا أَمَرَ بِمَسْحِ الرأس في الوضوء بحرف الباء، فقال: فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم، فَإِنْ كَانَتِ الْبَاءُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ تُوجِبُ التَّبْعِيضَ فَهَلَّا كَانَتْ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ وَجَبَ التَّبْعِيضُ، فَإِنْ لَمْ تُوجِبِ التَّبْعِيضَ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ فَهَلَّا كَانَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلتَّبْعِيضِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَهَذَا سُؤَالُ إِلْزَامٍ وَكَسْرٍ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْبَاءَ تُوجِبُ التَّبْعِيضَ فِي اللُّغَةِ مَا لَمْ يَصْرِفْهَا عَنْهُ دَلِيلٌ وَقَدْ صَرَفَهَا عَنِ التَّبْعِيضِ فِي التَّيَمُّمِ دَلِيلٌ وَعَاضَدَهَا عَلَى التَّبْعِيضِ فِي الْوُضُوءِ دَلِيلٌ فَافْتَرَقَا، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هُوَ أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حُكْمُ لَفْظِهِ وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حُكْمُ مُبْدَلِهِ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْفَرْقُ فَاسِدٌ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَهَذَا بَدَلٌ مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُ اسْتِيعَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ كَمَا يَلْزَمُ اسْتِيعَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ قُلْ قَدْ كَانَ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي اسْتِيعَابَ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ الرِّفْقَ وَالتَّخْفِيفَ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لَمْ يَجِبِ اسْتِيعَابُهُمَا بِالْمَسْحِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْمُبَايِنَةِ لِلتَّخْفِيفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِأَنَّهُ مُغْلِظٌ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَغَلِطَ بِالِاسْتِيعَابِ وَفَرْقٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا تَخَفَّفَ بِسُقُوطِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ لَمْ يَتَخَفَّفْ بِالتَّبْعِيضِ وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ إِلَّا بِالتَّبْعِيضِ فَافْتَرَقَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ: الْقَوْلُ فِي تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ)
قال الشافعي ﵁: وَإِنْ فَرَّقَ وُضُوءَهُ، وَغُسْلَهُ أَجْزَأَهُ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِابْنِ عُمَرَ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي الْوُضُوءِ أَفْضَلُ وَمُتَابَعَةُ الْأَعْضَاءِ أَكْمَلُ انْقِيَادًا لِمَا يَقْتَضِيهِ الْأَمْرُ مِنَ التَّعْجِيلِ وَاتِّبَاعًا لقول الرسول ﷺ َ -. فَإِنْ فَرَّقَ فَالتَّفْرِيقُ ضَرْبَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ:
فَالْقَرِيبُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْوُضُوءِ وَحْدَهُ مَا لَمْ تَجِفَّ الْأَعْضَاءُ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ فِي غَيْرِ بَرْدٍ وَلَا حَرٍّ مُشْتَدٍّ وَلَيْسَ الْجَفَافُ مُعْتَبَرًا، وَإِنَّمَا زَمَانُهُ هُوَ التَّعْبِيرُ.
وَأَمَّا الْبَعِيدُ فَهُوَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَانُ الْجَفَافِ فِي اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَبِهِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ إِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْوُضُوءُ مَعَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَبِهِ قَالَ فِي الْجَدِيدِ إِنَّهُ جَائِزٌ وَالْوُضُوءُ مَعَهُ صَحِيحٌ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمِنَ التَّابِعِينَ الحسن وسعد بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الثَّوْرِيُّ وأبو
1 / 136