سلطان الباطن معناه سلطان الظاهر ، ولا يكون من أولياء الله إلا من كان من الذين آمنوا وكانوا يتقون، وما فعلوه من الإعانة على الظلم فهم يستحقون العقاب عليه بقدر الذنب. وباب القدرة، والتمكن باطناً وظاهراً ليس مستلزماً لولاية الله تعالى بل قد يكون ولي الله متمكناً ذا سلطان، وقد يكون مستضعفاً إلى أن ينصره الله، وقد يكون مسلطاً إلى أن ينتقم الله منه، فخفراء التتار في الباطن من جنس التتار في الظاهر هؤلاء في العباد بمنزلة هؤلاء في الأجناد.
وأما الغلبة فإن الله تعالى قد يديل الكافرين على المؤمنين تارة، كما يديل المؤمنين على الكافرين، كما كان يكون لأصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع عدوهم، لكن العاقبة للمتقين، فإن الله تعالى يقول: ﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾
[غافر: ٥١].
وإذا كان في المسلمين ضعفاً، وكان عدوهم مستظهراً عليهم، كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم، إما لتفريطهم في أداء الواجبات باطناً وظاهراً، وإما لعدوانهم بتعدي الحدود باطناً وظاهراً. قال الله تعالى: ﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ﴾
[آل عمران: ١٥٥]
وقال تعالى: ﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ﴾ [آل عمران: ١٦٥].
وقال تعالى: ﴿ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾ [الحج: ٤١].
(١٥) وسُئل رحمه الله (٥٩٩/١٢ - ٦٠٠):
عن المصحف العتيق إذا تمزّق ما يصنع به؟ ومن كتب شيئاً من القرآن