38

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

Редактор

حسين الجمل

Издатель

دار ابن الجوزي

Год публикации

1411 AH

Место издания

المملكة العربية السعودية

نفوسهم من ثوران مراد الشيطان بحسب الصوت: إما وجد في الهوى المذموم، وإما غضب وعدوان على من هو مظلوم، وإما لطم وشق ثياب وصياح كصياح المحزون المحروم إلى غير ذلك من الآثار الشيطانية التي تعتري أهل الاجتماع على شرب الخمر إذا سكروا بها، فإن السكر بالأصوات المطربة قد يصير من جنس السكر بالأشربة المطربة، فيصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، ويمنع قلوبهم حلاوة القرآن، وفهم معانيه، واتباعه فيصيرون مضارعين للذين يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله، ويوقع بينهم العداوة والبغضاء حتى يقتل بعضهم بعضاً بأحواله الفاسدة الشيطانية كما يقتل العائن(١) من أصابه بعينه.

ولهذا قال من قال من العلماء: إن هؤلاء يجب عليهم القود والدية والقصاص، إذا عرف أنهم قتلوا بالأحوال الشيطانية الفاسدة لأنهم ظالمون، وهم إنما يغتبطون بما ينفذونه من مراداتهم المحرمة كما يغتبط الظلمة المسلَّطون.

ومن هذا الجنس حال خفراء الكافرين، والمبتدعين والظالمين، فإنهم قد يكون لهم زهد وعبادة وهمة، كما يكون للمشركين وأهل الكتاب.

وكما كان للخوارج المارقين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة ))(٢) .

وقد يكون لهم مع ذلك أحوال باطنة ، كما يكون لهم ملكة ظاهرة ، فإن

(١) عانه من باب باع : أصابه بعينه فهو عائن . ((مختار الصحاح)).

(٢) رواه البخارى (٢١/٩) ومسلم (١٠٦٤) عن أبى سعيد وليس فيه ((وقراءته مع قراءتهم )) وفى الباب عن على وجابر رضى الله عنهم .

38