20

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

Редактор

حسين الجمل

Издатель

دار ابن الجوزي

Год публикации

1411 AH

Место издания

المملكة العربية السعودية

ومثل الفطرة مع الحق: مثل ضوء العين مع الشمس، وكل ذي عين لو ترك بغير حجاب لرأى الشمس، والاعتقادات الباطلة العارضة من تهود وتنصر وتمجس، مثل حجاب يحول بين البصر ورؤية الشمس، وكذلك أيضاً كل ذي حس سليم يحب الحلو، إلا أن يعرض في الطبيعة فساد يحرفه حتى يجعل الحلو في فمه مراً.

ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالفعل، فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً، ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق الذي هو الإسلام، بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلماً.

وهذه القوة العلمية العملية التي تقتضي بذاتها الإسلام ما لم يمنعها مانع: هي فطرة الله التي فطر الناس عليها.

وأما الحديث المذكور: فقد صح عن ابن مسعود أنه كان يقول: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو الصادق المصدوق - إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح(١).

وهذا عام في كل نفس منفوسة، قد علم الله سبحانه - بعلمه الذي هو صفة له - الشقي من عباده والسعيد، وكتب سبحانه ذلك في اللوح المحفوظ ويأمر الملك أن يكتب حال كل مولود، ما بين خلق جسده ونفخ

(١) رواه البخاري (١٥٢/٨) ومسلم (٢٦٤٣).

20