18

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

Редактор

حسين الجمل

Издатель

دار ابن الجوزي

Год публикации

1411 AH

Место издания

المملكة العربية السعودية

فطرة الله التى فطر الناس عليها، وهي فطرة الإسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال: ﴿ألست بربكم قالوا بلى﴾ [الأعراف: ١٧٢] وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة.

فإن حقيقة ((الإسلام)) أن يستسلم لله لا لغيره، وهو معنى لا إله إلا الله، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل ذلك فقال: ((كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟))(١) بيّن أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن، وأن العيب حادث طارئ.

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يروي عن الله: ((إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللتُ لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً))(٢).

ولهذا ذهب الإمام أحمد رضي الله عنه في المشهور عنه إلى: أن الطفل متى مات أحد أبويه الكافرين حكم بإسلامه لزوال الموجب للتغيير عن أصل الفطرة.

وقد روي عنه، وعن ابن المبارك، وعنهما(٣): أنهم قالوا: ((يولد على ما فطر عليه من شقاوة وسعادة)) وهذا القول لا ينافي الأول فإن الطفل يولد سليماً وقد علم الله أنه سيكفر، فلابد أن يصير إلى ما سبق له في أم الكتاب، كما تولد البهيمة جمعاء وقد علم الله أنها ستجدع.

وهذا معنى ما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الغلام الذي قتله الخضر:

(١) رواه البخاري (١٥٣/٨) ومسلم (٢٦٥٨) عن أبي هريرة وأحمد (٧١٨١).

(٢) رواه مسلم (٢٨٦٥) عن عياض بن حمار - بحاء مهملة وآخره راء.

(٣) كذا في ((الأصل)) ولعله: ((وغيرهما)).

18